آفاق أكاديمية

تعيين المعيدين.. بين ضعف الخيارات وبيروقراطية الآليات

يعد اختيار وتعيين المعيد المناسب حجر الزاوية في التطور الأكاديمي والبحثي في مؤسسات التعليم العالي، فمعيد اليوم هو الباحث والعالم وعضو هيئة التدريس في القريب القادم، وهو المؤهل لاستلام زمام المبادرة من أجيال أكاديمية قدمت خلاصة علمها وخبرتها لهذا الصرح الأكاديمي الكبير.

تحكم اختيار وتعيين المعيد ضوابط ومعايير تضمن انتقاء نخبة خريجي الجامعات وصفوة المتفوقين الذين يملكون إمكانات علمية وقدرات أكاديمية وشغف البحث والتعلم، لتستمر مسيرة العطاء العلمي والرقي البحثي دون أن تواجه الجامعات فجوة نتيجة ضعف الاختيار أو بيروقراطية الآليات.

في أحد المنتديات شهد موضوع «معايير اختيار وتعيين المعيدين في الجامعة» تداولاً كبيراً ونقاشاً ثرياً، وحصل خلاله شبه إجماع بأن المعايير الحالية تحتاج لإعادة نظر، فهي مثلاً تغفل إعطاء وزن ذي قيمة لجامعة التخرج وتساوي خريج جامعة امتد عطاؤها لأكثر من نصف قرن ووصلت لمستوى أكاديمي متميز ومخرجات نوعية، مع مخرجات جامعة ناشئة - مع كل التقدير للجامعات الناشئة.

عدد المتقدمين للإعادة في جامعتنا على سبيل المثال يفوق عدد الوظائف المتاحة، ولدى الأقسام معايير ومقاييس للمفاضلة بين المتقدمين، مع إعطاء قوة لكل مقياس، وأبرز المقاييس: المعدل، جامعة التخرج، عدد السنوات بعد التخرج، طبيعة العمل بعد التخرج، الأداء أثناء المقابلة، ولكل مقياس قوة ومستويات أيضًا، بما يضمن تحقيق العدالة بين المتقدمين والشفافية، والأهم من ذلك انتقاء الأفضل من المتقدمين.

لقد تمت الإشارة في الحوار المشار إليه آنفاً إلى أن الفجوة الحاصلة في معايير اختيار وتعيين المعيدين في جامعتنا أفقدت الجامعة كثيراً من خريجيها المتميزين بسبب مزاحمة الخريجين من الكليات الناشئة.

ورغم أهمية جامعة التخرج إلا أن هذا المعيار غير دقيق دائماً؛ حيث لاحظ زملاء في لجان المقابلات ضعفًا لدى بعض الحاصلين على ماجستير من جامعات أمريكية، وذلك في اللغة الإنجليزية!! وأعتقد أن المعيار يجب أن يكون - في غالبه - اختبار شامل يؤديه الطالب في مواضيع علمية محددة يعلنها كل قسم تشمل أهم مفردات الدراسة الجامعية مع السماح للطالب الحاصل على ٣.٧٥ وما فوق بحضور الاختبار.

ولعل تأخر إجراءات التعيين من المعوقات التي قد تدفع الخريج المميز للتوجه إلى أسرع جامعة تمنحه الوظيفة؛ لأن طموحه إكمال دراساته العليا فوراً، والجامعات تبحث عنه لأنه «مميز»، وتم ضرب مثال على ذلك بما حصل حين تأخرت إحدى الجامعات العريقة في إجراءات تعيين عدد من المعيدين في الكليات الصحية؛ مما أدى إلى تسربهم إلى قطاعات أخرى، وبالتأكيد كانوا الصفوة من الخريجين والسبب كان تأخر إجراءاتهم الإدارية فقط!

وختاماً كلنا يقين بأن إدارة الجامعة ترحب بأي نقاش واقتراح بهذا الخصوص، وهناك اقتراحات يرى المتابعون والمهتمون أنها تفيد في هذا الجانب وأبرزها وجوب الحرص على الخريج المميز وإغرائه بالعمل في الجامعة قبل تخرجه، كما أن من الضروري انتقاء رؤساء لجان الاختيار والتعيين بطريقة تساعد على اختيار الأكفأ والأقدر.

ويبقى السؤال مطروحاً: ما الآلية التي ستمكن الجامعات من استقطاب وابتعاث هذه الكفاءات بعد إقرار نظام الجامعات الجديد؟ وما تبعات تصنيف الجامعات «تطبيقية أو بحثية» على إقبال الخريجين المتميزين عليها؟ في انتظار مشاركاتكم وإجاباتكم وتعليقاتكم.

د. عادل المكينزي

makinzyadel@ksu.edu.sa

0
قم بتقييم هذا المحتوى

إضافة تعليق جديد

التحقق البصري
This question is for testing whether or not you are a human visitor and to prevent automated spam submissions.
Image CAPTCHA