آفاق أكاديمية

وداعا للحياة الأكاديمية مرحبا بالحياة العملية

عزيزي الطالب، لم يعد نجاحك في بناء مستقبلك وتحديد مسار حياتك يعتمد على الشهادة الجامعية والمعدلات العالية وحدها، بقدر اعتماده على القدرات والمهارات العملية والمهنية وشبكة العلاقات العامة التي استطعت اكتسابها أو تكوينها خلال المرحلة الجامعية، والتي تؤهلك لخوض الحياة العملية بنجاح وثقة فيما بعد.

الجامعة توفر لك إلى جانب المقررات والمحاضرات أفضل الأساتذة وأحدث التجهيزات لصقلك معرفيا، إضافة لأنشطة متنوعة وبرامج متجددة تساعدك على رسم معالم شخصيتك وتكوين ذاتك وبناء قدراتك العملية والمهارية، والطالب الذكي والطموح هو الذي لا يكتفي بالمحاضرات والمقررات بل ينخرط في الأنشطة ويستثمر الفرص لبناء نفسه وصناعة مستقبله.

الحياة بعد الجامعة هي أولى خطوات الحياة العملية والمستقبلية التي تحدد مسارك وتجعلك مسؤولاً عن نفسك تماماً، وتفتح أمامك أبواب الحياة العملية بكل مافيها من نجاحات وإنجازات إلى جانب الإخفاقات أحيانا، والحياة العملية تعتمد بشكل كبير على الخبرات والقدرات والمهارات التي اكتسبتها في المرحلة الجامعية، لهذا لم تدخر الجامعة وسعا في تحسين فرص الطلاب والطالبات المتخرجين في الحصول على الوظائف المناسبة من خلال إطلاق «السجل المهاري» والذي يمثل إثباتاً رسمياً لقدرات ومهارات الطالب عبر دورات وورش عمل وبرامج نوعية تقدمها عمادة شؤون الطلاب في المجالات غير الأكاديمية مما يدعم تنافسية الخريج على الوظائف.

كخطوة أولى، عليك أن تعد سيرة ذاتية خاصة بك، وتذكر أن الناس لا يعرفونك ولم يلتقوا بك، لذا فإن سيرتك الذاتية تقول من أنت، فاحرص على أن تكون جاذبة لأصحاب العمل، وأبرز من خلالها مهاراتك ومواهبك وشهاداتك وخبراتك ذات العلاقة بالمنشأة المتقدم اليها.

تطوير الذات هدف ويتم عبر وسائل عدة منها الدورات التدريبية، وعلى الخريج التعرف على الشركات أو المؤسسات أو الجهات المهتمة بمجال التخصص، ومن الأهمية بمكان التوجه إلى مؤسسات تولي التدريب أهمية وهو ما يرفع مستوى المهارات، وتشير إحدى الدراسات بأن كل دولار ينفق في التدريب يعود على المنشأة بـ 24 دولاراً. 

في حال توجهت للبحث عن عمل في القطاع الخاص، ابدأ بالشركات الصغيرة أو المتوسطة، وابتعد في هذه الفترة عن الشركات الكبيرة، لأنها عادة ما تطلب خبرات كبيرة أو درجة عالية في التخصص، وحاول أن تكسب خبرتك من الشركات الصغيرة حتى تتمكن من المنافسة فيما بعد بخبرتك والدخول بقلب قوي إلى الشركات الكبيرة التي تطلب خبرة ومهارة في العمل.

اجعل شعارك «كن مستعداً دائما» واقتنص الفرص السانحة بكل عزيمة ودون تردد، خاصة في ظل التطورات والمبادرات التي تعيشها بلادنا في ظل رؤية 2030، والتي تجود بأنواع الفرص وتفتح أمام الخريج مختلف المجالات، خاصة إذا كنت ممن يرغب مواكبة ريادة الأعمال، ولا تنسى أن تتسلح بالشجاعة والصبر في مواجهة الصعوبات والتحديات، وتذكر قول الشاعر: وتعظم في عين الصغير صغارها ... وتصغر في عين العظيم العظائم.

وتذكر دوما أن من أهم أركان النجاح الالتزام بأخلاقيات العمل، من النزاهة والمسؤولية والانضباط والتواضع في التعامل مع الآخرين، ولتكن تلك «القيم» معالم شخصيتك تعرف بها أينما حططت رحالك، وتذكر أيضا أن رئيسك في العمل لديه آلية محاسبية دقيقة تختلف عن أستاذك في الجامعة الذي قد يتغاضى أحيانا تقديرا لظروفك أو تغافلا عن تقصير طارئ، وهذا يقتضي وعيا والتزاما عاليا للمسؤولية. 

لا شك أن الخطوة الأولى في حياتك العملية تتداخل فيها المشاعر، مع تحولك من دور الطالب المتعلم إلى العامل المنتج ومن مرحلة محدودية المسؤوليات إلى مرحلة النضج والاعتماد على النفس وتحمل المسؤولية، لذا فإن الاستعداد النفسي والوعي الإيجابي بهذا التحول ومتطلباته سيكون خير عون لك للقيام بأدوار متميزة في حياتك العملية لتخدم ذاتك وأسرتك ومجتمعك ووطنك.

بقي أن نهنئك بالنجاح والإنجاز العلمي وحصولك على الشهادة، مصحوبا بدعواتنا بالتوفيق في مستقبل ناجح في حياتك العملية والمهنية.

د. عادل المكينزي

makinzyadel@ksu.edu.sa

0
قم بتقييم هذا المحتوى

إضافة تعليق جديد

التحقق البصري
This question is for testing whether or not you are a human visitor and to prevent automated spam submissions.
Image CAPTCHA