أسس الملك عبدالعزيز آل سعود صناعة النفط قبل التوحيد

 

منشأ تاريخ الصناعة النفطية

ونحن ننعم برغد العيش والأمن والطمأنينة، ونتمتع بما أنعم الله به علينا من ثروات طبيعية ومنها النفط، لابد لنا من استرجاع وتدارس نشأة الصناعة النفطية والجهود التي بذلها المؤسس عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود في ذلك الشأن وسعيه رحمه الله في وضع اللبنات الأولى لتلك الصناعة الحيوبة ومراحل تطورها، بجانب معرفة تطور الأحداث التي مهدت لتوحيد بلادنا الغالية وتطور تسمياتها، هذه الدراسة المقتضبة تسلط الضوء على هذين الجانبين التاريخي والنفطي، سائلين المولى عز وجل أن ينعم على بلادنا الغالية وجميع بلدان المسلمين بالأمن والأمان. 

اكتشاف نفط الشرق العربي

حصل ويليام نوكس دارسي «William K. D’Arcy» البريطاني الجنسية من الشاه مظفر الدين حاكم الدولة الفارسية القاجارية على امتياز مطلق لاستغلال النفط في أراضيها وذلك في سنة 1901م، وكان ذلك أول امتياز للتنقيب عن النفط في الشرق العربي، وبعد سبع سنوات من عمليات التنقيب والحفر اكتشف دارسي النفط في سنة 1908م في بئر مسجد سليمان (Masjid-I-Sulaiman). 

ميجور ينافس شركات النفط

بعد الحرب العالمية الأولى، ظهر ميجور بريطاني لعب دورًا ولفترة من الزمن في «الساحة النفطية» وترك أثرًا كبيرًا في تاريخ صناعة النفط في الخليج وجزيرة العرب، إنه الميجور فرانك «فرانسس» هولمز «Frank–Francis–Holmes». استغل هولمز خبرة تنقلاته في منطقة الخليج وجزيرة العرب، فأسس شركة باسم «الشركة -النقابة- الشرقية والعامة المحدودة  «إيسترن آند جينيرال سينديكيت ليميتيد  Eastern and Genera Syndicate Ltd.» في السادس من آب «أغسطس) 1920م،» وسعى للحصول على امتيازات نفط المنطقة.من حكامها، وبالفعل تمكن هولمز بجدِّه ومثابرته من الحصول على امتيازات للنفط.

هولمز ... عينه على امتياز  الأحساء

اتصل هولمز بالسلطان عبدالعزيز آل سعود وطلب مقابلته في الرياض، أدرك السلطان عبدالعزيز أن النفط المحتمل وجوده في باطن الأرض ربما هو السبيل لفك ضائقته المالية وتطوير مملكته الناشئة، فانتهز السلطان هذه الفرصة فدعا الميجور هولمز إلى زيارة الرياض في شهر آب «أغسطس» 1922م للتباحث حول امتياز النفط. وصل الميجور هولمز وكان برفقة الدكتور مان «Dr. Mann» ممثل السلطان في لندن، وأثناء تلك الزيارة تمكن هولمز من تقديم مسودة امتياز المنطقة ليطلع عليها السلطان.

هولمز في العقير

واصل هولمز اتصالاته بالسلطان عبدالعزيز بغية الحصول منه على امتياز منطقة الأحساء، فقام بزيارة ثانية للسلطان عبدالعزيز خلال انعقاد مؤتمر العقير في 28 تشرين ثاني «نوفمبر»1922م.

السلطان عبدالعزيز يمنح امتياز الأحساء

تحققت أمنية هولمز وحصل على امتياز النفط في منطقة الأحساء في20 رمضان 1341هـ الموافق 6 آيار «مايو» 1923م، فقد حصلت الشركة الشرقية والعامة المحدودة من «عظمة سلطان نجد وتوابعها في بلاد العرب السلطان عبدالعزيز بن عبدالرحمن بن فيصل آل سعود» على خيار شامل لاستكشاف النفط وحقوق التعدين، وهي أول اتفاقية لاستكشاف النفط في الخليج العربي وشرقي جزيرة العرب.

السلطان ... يؤسس أول شركة نفط وطنية مساهمة

ما أن منح السلطان عبدالعزيز امتياز النفط في منطقة الأحساء للشركة الشرقية والعامة المحدودة حتى باشر في إعداد الترتيبات لتأسيس شركة لتتولى القيام بالعمليات النفطية بعد اكتشافه. ولتحقيق تكوين أول شركة نفط وطنية مساهمة فتح السلطان عبدالعزيز لأبناء سلطنته، وأهل نجد المقيمين في العراق للمساهمة في هذه الشركة الوطنية، وذلك بخطاب وجهه لهم يحثهم على المساهمة في الشركة، وأوكل إلى عبداللطيف باشا المنديل وهو أحد أعيان الزبير بجمع المساهمات. وقد ذكر لي عدد من أعيان بلد الزبير أنهم قد ساهموا في تلك الشركة.

وهذا هو نص الخطاب بلغته ومفرداته:

«بسم الله الرحمن الرحيم

من عبدالعزيز بن عبدالرحمن الفيصل إلى كافة من يراه من أهل نجد في بغداد سلمهم الله تعالى آمين.

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته – وبعد عندكم معلوم في قلة أسباب التجارة وعدم المواصلات في أطرافنا، وأن ذلك ليس من فقر بتربة بلادنا وغناها في تربة غيرها، بل من المحقق أن تربة وطننا هي من أحسن الترب وأغناها، وإنما الذي غيرنا جدوا واجتهدوا في إخراج معادن بلادهم المدفونة فاستفادوا من خزائنها وأفادوا، ومن المعلوم أن مثل هذه الأعمال لا يقوم بها الأفراد، فلأجل ذلك وخدمة للمصلحة العمومية قد اتفقنا مع الشركة الشرقية وأعطيناها امتياز إخراج المعادن الغازية في منطقة الأحساء والقطيف وعينين. وقد تم الاتفاق بيننا وبين هذه الشركة بشروط ملائمة

للطرفين. وقد اشترطنا عليها أن يكون لنا ولرعايانا من أسهمها مئة وعشرون ألف سهم، نصفها ستين ألف سهم خاصة لنا والنصف الآخر ستين ألف سهم لمن يحب الاشتراك من رعايانا، كل ذلك حبًا لاشتراك الرعية في مصالح بلادهم وعدم حرمانهم منها، وحيث إن أسهم هذه الشركة قد قررت وعين مقدارها وصار تخريجها أحببنا أن نعرفكم بصورة الحال للمبادرة لمن يرغب الاشتراك بهذا العمل النافع المفيد، فكل سهم من أسهم هذه الشركة قيمته جنيه إنكليزي، فمن أراد الاشتراك فليبادر ويراجع الأخ عبداللطيف باشا المنديل فقد صدر له منا التعليمات الكافية بذلك، وإنما يجب المبادرة بذلك قبل نفاد الأسهم، فإنها قريبة إلى الخلاص والوقت ما فيه متسع، فالعمل سوف يبتدئ

قريبًا إنشاء الله، نسأل الله التوفيق والنجاح لما فيه الخير والصلاح للعباد والبلاد بمنه وكرمه في 30 محرم 1342هـ».

 

0
قم بتقييم هذا المحتوى

إضافة تعليق جديد

التحقق البصري
This question is for testing whether or not you are a human visitor and to prevent automated spam submissions.
Image CAPTCHA