العشوائيات والاقتصاد الهامشي

زاوية: عمرانيات

تشير الإحصائيات إلى أن نسبة السكان الذين يعيشون في المناطق العشوائية في البلدان النامية يمثلون 30% من جملة سكان الحضر، ويعد التعامل مع هذه العشوائيات كظاهرة إسكان مجردة نظرة قاصرة، فالعشوائيات تتمازج مع العديد من الأبعاد منها البعد الاقتصادي، فيظهر بوضوح ازدواجية القطاعين الاقتصاديين الرسمي والهامشي.

القطاع الاقتصادي الرسمي والذي يعمل فيه ما بين 35-45% من سكان الحضر يتمثل في القطاع الحكومي والقطاع الخاص، فالقطاع الحكومي يمثله الموظفون والمؤسسات الحكومية، وهي جميعها أعمال ووظائف ثابتة، ذات عائد ثابت وضمانات اجتماعية وصحية.

أما القطاع الهامشي والذي يعمل فيه ما بين 55-65% من سكان الحضر، فيتمثل في القطاع التقليدي غير الرسمي من مهن وحرف، وغالباً ما يكون الاستثمار في هذا القطاع من المدخرات الفردية ومن القروض غير الرسمية، ورغم انتماء هذا القطاع لجذور المجتمع إلا أنه مفتت وغير منتظم.

في الحقيقه هناك مصالح مشتركة بين القطاعين الاقتصاديين الرسمي والهامشي، فالقطاع الرسمي يوفر الخدمات والمواد الأولية الأساسية، بينما يوفر الاقتصاد الهامشي بحكم حجمه العددي سوقاً استهلاكية كبيرة للسلع المنتجة في القطاع الرسمي.

والقطاع الهامشي بالعمالة الحرفية الكبيرة يقوم بالتشييد والبناء بمقابل مردود مادي، في حين يقوم الاقتصاد الرسمي باستهلاك هذا المنتج الخدمي، ولذلك فإن المصالح متبادلة بين القطاعين. 

إضافة إلى ذلك يسمح الاقتصاد الهامشي بتأمين وتوزيع السلع والخدمات التي لا يضعها الاقتصاد الرسمي في اعتباره، كما يساعد القطاع الهامشي على الادخار ويهيئ تراكم رؤوس الأموال ويساعد على انتشار صغار المستثمرين.  

وخلاصة القول فإن الازدواجية الاقتصادية هي أحد مظاهر التحضر السريع الذي تشهده مدن العالم الثالث، وأصبح حقيقة واقعية لا يجب تجاهلها عند دراسة المناطق العشوائية التي يقطن بها الغالبية العظمى من العاملين بالقطاع الاقتصادي الهامشي.

أ. د. عبدالله محمد العابد

أستاذ التصميم العمراني والإسكان 

كلية العمارة والتخطيط 

profamalabed@gmail.com

0
قم بتقييم هذا المحتوى

إضافة تعليق جديد

التحقق البصري
This question is for testing whether or not you are a human visitor and to prevent automated spam submissions.
Image CAPTCHA