أكبر مساهم في تأليف قاموس «أكسفورد» مجنون!

لا شك أن قاموس «أوكسفورد» الإنجليزي يعد من أعظم الإنجازات المعجمية في تاريخ اللغة الإنجليزية؛ وتمَّ البدء بكتابته عام 1857م، واستغرق الأمر سبعين عامًا للانتهاء منه، إلّا أن هذا المشروع المثير حمل بداخله قصة مثيرة وغامضة لعلاقة استمرت عشرين عامًا بين رجلين استثنائيين ساهما في كتابة هذا القاموس؛ الأول «جيمس موراي» معلم سابق ورئيس التحرير في مشروع كتابة قاموس أكسفورد، والثاني «الدكتور وليام تشيستر ماينر» جراح أمريكي خدم أثناء الحرب الأهلية، وكان واحدًا من آلاف المساهمين الذين قدموا اقتباسات توضيحية لمفردات القاموس، لكن تلك الإسهامات والاقتباسات لم تكن عادية، وهنا تكمن الطرافة!

طريقة غامضة
كان الدكتور «ماينر» يرسل آلاف الاقتباسات من مقر إقامته في قرية تبعد خمسين ميلًا من جامعة أكسفورد، وفي مناسبات عديدة كان «موراي» يرسل له دعوة لزيارة أكسفورد لتكريمه لكنه في كل مرة كان يرفض الدعوة بطريقة غامضة، واستمر هذا الحال عقدين من الزمن، كوَّن الرجلان خلالها علاقةً وثيقةً من خلال المكاتبات المتبادلة بينهما، وأخيرًا في عام 1896، قرر موراي زيارته، وهناك عرف حقيقته، فبالإضافة إلى كونه خبير كلمات بارعا، كان أيضًا قاتلًا، ونزيلًا في مصحة «برودمور» أقسى المصحات في إنجلترا للمجانين المجرمين!

20 عاماً
على مدى عشرين عامًا كان الرجلان يتبادلان الرسائل بانتظام حول التفاصيل الدقيقة، لكنهما لم يلتقيا قط، والأستاذ موراي تمنى طويلًا اللقاء بهذا الشخص المثير للاهتمام وتقديم الشكر له، وفي أواخر العقد الأخير من القرن التاسع عشر، وقد أوشك تدوين نصف القاموس أنْ يتم، ووسط الاستعدادات التي تجري لتكريم جميع المشاركين، أراد موراي أن يتأكد من حضور جميع المشاركين لتكريمهم على أعمالهم، لا سيما ذلك الشخص الخجول – كما يبدو – الدكتور ماينر، لذا قرر أن يقوم بنفسه بزيارته.

مصحة «برودو»
عندما عزم الأستاذ موراي على الذهاب، أبرق إلى مضيفه يخبره بذلك، وبعد مضي أسبوعين ردَّ الدكتور ماينر ببرقية يقول فيها: “أرحب بزيارتك”، وعندما وصل موراى إلى مقر إقامة ماينر، جلس في غرفة الانتظار وهو يعتقد أنه سيقابل أستاذاً عالماً مبجلاً، وبينما كانت ساعة الحائط تدق بصوت عالٍ، إذ بوقع خطوات خافتة خارج في القاعة، وجلجلة بعيدة لأصوات مفاتيح، وإذا بمرافق يقود ماينر ويخاطب موراي قائلاً: يؤسفني أن أخبرك أنني مدير مصحة برودمور للمجانين المجرمين، وهذا هو الدكتور لكنه سجين وأمضى هنا أكثر من عشرين عامًا، وهو أقدم مريض مقيم لدينا”.

 

0
قم بتقييم هذا المحتوى

إضافة تعليق جديد

التحقق البصري
This question is for testing whether or not you are a human visitor and to prevent automated spam submissions.
Image CAPTCHA