محفزات قانونية لزيادة التبرع للأوقاف الجامعية

تعتبر الأوقاف أحد الدعائم الرئيسة للتنمية الاقتصادية والاجتماعية، حيث يقوم الإنسان بتحبيس أصل ماله وتسبيل منفعته لأعمال البر والخير والإحسان أو للمجالات العلمية أو الخيرية، ويعد الوقف على منظومة التعليم من أهم مصادر تمويل التعليم في العالم الإسلامي، وإليه يعود الفضل لكثير مما تحقق من نهضة علمية واسعة شهدها العالم الإسلامي على مدار القرون السابقة.

وقد اتخذت الجامعات السعودية في السنوات الأخيرة تقليداً يقضي بدخول الوقف كعنصر أساسي في دعم وتمويل برامجها وميزانيتها، حيث أصبحت الأوقاف الجامعية من أهم ركائز العمل غير الربحي في المملكة، وتلعب دوراً مهماً في دعم «رؤية المملكة 2030» التي تضمنت تشجيع الأوقاف للحصول على مصادر تمويل مستدامة، ومراجعة الأنظمة واللوائح المتعلقة بذلك لتشجيع مختلف أنواع الشركات ورجال الأعمال على المساهمة والعطاء وتحويل الأوقاف الجامعية إلى بيئة جاذبة عالمياً.

إضافة إلى أن مشروع نظام الجامعات الجديد الذي أقره مجلس الشورى مؤخراً سوف يسهم في تخفيض اعتماد الجامعات على ميزانية الدولة، ويدفعها إلى إيجاد مصادر تمويل جديدة، من خلال إنشاء عدد من المشاريع والشركات الاستثمارية، والتوسع في الاعتماد على الأوقاف.

وما أود التنويه عليه في هذا الشأن هو أن الدول المتقدمة التي يوجد لديها نظام ضريبي متميز؛ غالباً ما يحظى رجال ومؤسسات الأعمال بإعفاءات ضريبية اعتمادًا على مقدار التبرعات التي يقدمونها؛ مما يشجع على تبني ودعم إنشاء الأوقاف ذات الأغراض العلمية.

إن الأوقاف الجامعية السعودية تواجه تحديات في الحفاظ على الاستدامة المالية لها، كما أن استقطاب وجذب المتبرعين لخدمة أهدفها وبرامجها يعد من أهم التحديات، إضافة إلى عدم كفاية الحوافز والمزايا الضريبية والزكوية التي يتمتع بها المتبرعون في بعض اللوائح والأنظمة مما يعتبر عائقاً أمام تقديم تبرعات وقفية جديدة.

نظام ضريبة الدخل السعوديي نصَّ في المادة الحادية عشرة على أنه: «يجوز لتحديد الوعاء الضريبي لكل مكلف «الشخص الخاضع للضريبة بمقتضى النظام» حسم التبرعات المدفوعة خلال السنة الضريبية إلى هيئات عامة أو جمعيات خيرية مرخص لها بالمملكة لا تهدف إلى الربح ويجوز لها تلقي التبرعات».

كما نصت المادة الخامسة بند رقم «4» من اللائحة التنفيذية لنظام جباية الزكاة السعودي على أنه «تعد التبرعات من المصارف جائزة الحسم، متى ما قدمت المستندات الثبوتية المؤيدة لها وجرى التأكد من جديتها».

ولكن لم تنص هذه الأنظمة واللوائح على إعفاء التبرعات لصالح الوقف العلمي بشكل صريح وبدون شروط، مما يضعف دور الجامعات في جذب وتشجيع المتبرعين لأوقافها، وتحقيق تطلعات رؤية المملكة 2030 في تخفيض اعتماد الجامعات على ميزانية الدولة، حيث اشترطت المادة التاسعة من اللائحة التنفيذية لنظام جباية الزكاة السعودي ضرورة توثيق الأموال الموقوفة لدى وزارة العدل بموجب صكوك شرعية بالإضافة إلى العديد من الضوابط الأخرى والتي قد لا تتوافر لدى بعض الأوقاف الجامعية الحالية مما يشكل قيداً على الجامعات في تحقيق أهدافها، كما أنه يعد عائقاً لتحقيق رؤية المملكة 2030.

وحيث تبقى التبرعات هي الحصة الأكثر تحديداً لثبات واستقرار استدامة الأوقاف الجامعية السعودية والتوسع في إنشائها، والحاجة إلى إيجاد حوافز تشجيعية لجذب المتبرعين، فتكون هناك حاجة ملحة لمراجعة وتعديل التشريعات والأنظمة واللوائح الضريبية والزكوية بما يتلاءم مع التزامات «رؤية المملكة 2030»، ويسهم في بناء نسق تنظيمي تكاملي مع نظام الجامعات الجديد ونظام الشركات غير الربحية؛ بحيث يسمح للمكلفين الخاضعين للضريبة أو للزكاة، بدفع جزء من زكاتهم وضرائبهم إلى الأوقاف الجامعية وإعفائهم بموجب ذلك من دفعها إلى الهيئة العامة للزكاة والدخل، بحسب ضوابط تضمن عدم تضارب المصالح وأن تكـون الأوقاف الجامعية مرخصة ومخولة بتلقي جزء من أموال الزكاة والضرائب، وأن يكون استلامها بموجـب إيداع بنكي يقع ضمن الوعاء الزكوي والضريبي محــل الجبايــة كحوافز لهؤلاء المتبرعين؛ لتشجيعهم كي يتنافسوا في المبادرة بتقديم تبرعات وقفية جديدة لتمويل مشاريع الجامعات وتحقيق التوجهات الاستراتيجية لرؤية المملكة 2030، وفق الله المملكة وقيادتها الحكيمة لخدمة الوطن.

زاهر بن أحمد الشهري

مدير التخطيط بأوقاف الجامعة

0
قم بتقييم هذا المحتوى

إضافة تعليق جديد

التحقق البصري
This question is for testing whether or not you are a human visitor and to prevent automated spam submissions.
Image CAPTCHA