آفاق أكاديمية

«الروبوت» يقول وداعا للصحافة التقليدية

«الروبوت» Robot او «الانسان الآلي» او «الانساله» يدشن ثورة تقنية تغزونا في عقر دارنا وتهددنا في أدق مهننا وتخصصاتنا، فقد أجرت شركة الاستشارات «McKinsey & Company» دراسة تحليلية لمئات الوظائف والمهن التي يمكن أن تحل فيها الروبوتات محل الإنسان مستقبلا، وحسب نتائج الدراسة يمكن للروبوت أن يحل محل الإنسان قريباً، في مجالات التجارة والبيع والمطاعم والتصاميم والعمليّات الجراحيّة وإزالة الألغام، بل والتجسُّس أيضا!
فهناك 73% من المهمات في المقاهي والمطاعم، على سبيل المثال، يقوم بها الإنسان، مع أنه يمكن أن ينجزها الروبوت باستخدام التكنولوجيات الحالية، وتبقى هناك مهن يصعب أو يستحيل أن يقوم بها الروبوت عوضاً عن الإنسان، على الأقل في المستوى القريب المنظور.
بالنسبة لما يهمنا في هذا الجانب، ستصل نسبة اجتياح الذكاء الصناعي لمهن الكتابة والصحافة إلى 20% العام القادم، وإلى 40٪ خلال الخمس سنوات القادمة، وقد حجزت الروبوتات المتخصصة بالفعل مكاتب لها، وزاحمت المحررين والصحفيين والكتاب، فصحيفة الواشنطن بوست على سبيل المثال احتفلت مؤخراً بمرور عام كامل على تعيين مراسل صحفي آلي، نشر خلال فترة عمله 850 مقالا حول الانتخابات الأميركية, وهناك العديد من الروبوتات تقف على أهبة الاستعداد للانقضاض على وظائف المحررين والإعلاميين في مشارق الأرض ومغاربها وتعتزم إزاحتهم عن المشهد!
الغريب والمقلق في الأمر أن الفوارق في الصياغة والوضوح والاتساق والتشويق بين النصوص الصحفية التي كتبها بشر، ونظيرتها التي أنشأتها وصاغتها الروبوتات، لم تكن كبيرة أو واضحة، وذلك حسب دراسة نشرتها مجموعة «Taylor & Francis Group»، واستطلعت خلالها آراء عدد من القراء حول المادتين بسؤالهم عن اثنى عشر عنصر منها الاتساق والوضوح والجودة والتشويق والثقة، وغيرها من عناصر النص، وكانت النتائج – وفق المقيّمين - متقاربة بين النصين, فالذكاء الصناعي تفوّق في الموثوقية ووفرة المعلومات، والكتابة البشرية تفوقت في الإمتاع والتشويق، وتقاربا في الاتساق والدقة!
هنا من حقنا أن ندق ناقوس الخطر ونتساءل كيف سيكون الحال بعد خمسة أعوام من الآن مثلاً؟ وما مصير مئات الآلاف من المحررين والصحفيين والإعلاميين في حال استمر تطوير برامج الذكاء الصناعي واستمر التهديد الوجودي الذي تمثله الروبوتات! أجل إنه «تهديد وجودي» للصحافة البشرية حسب دراسة حديثة نشرها معهد «فيوتشر توداي» الأميركي وخلصت إلى أن صحافة الروبوتات تمثل «تهديداً وجودياً» على مهنة الصحافة والإعلام بشكل عام في المستقبل القريب.
على كل حال، يمكننا القول ولو من باب المواساة، إن الذكاء الصناعي يستحيل أن يلغى العقل البشري تماماً وخصوصاً في مجالات الفكر والتعليم والطب، لأن هذه المجالات تتطلب اتصالا مباشرا مع الناس وتعتمد بشكل كبير على العقل البشري، وبناء على هذا يمكننا القول إن الروبوتات قد تحل محل الانسان في المهن التي تعتمد على القيام بأعمال متكررة وروتينية، ولكن الحلول محل البشر بشكل كامل يبقى غير ممكن، كما يستحيل الاعتماد على الروبوتات كلياً في المجالات التي تتطلب مهارات فكرية راقية يتميز بها الإنسان.
د. عادل المكينزي
makinzyadel@ksu.edu.sa

 

0
قم بتقييم هذا المحتوى

إضافة تعليق جديد

التحقق البصري
This question is for testing whether or not you are a human visitor and to prevent automated spam submissions.
Image CAPTCHA