فنجان قهوة «على الحائط»

في مدينة البندقية وفي ناحية من نواحيها النائية، كان مجموعة من السياح العرب يحتسون القهوة في أحد مقاهيها الجميلة، وبينما هم جالسون دخل المقهى شخص لطيف وجلس إلى جانبهم وصاح على النادل «اثنان قهوة من فضلك، واحد منهما على الحائط»، فأحضر النادل له فنجان قهوة وشربه صاحبنا، لكنه دفع ثمن فنجانين، وعندما خرج الرجل قام النادل بتثبيت ورقة على الحائط مكتوب فيها «فنجان قهوة واحد».
بعد ذلك دخل شخصان وطلبا ثلاثة فناجين قهوة واحد منها على الحائط، فأحضر النادل لهما فنجانين فشرباهما، ودفعا ثمن ثلاثة فناجين وخرجا، فما كان من النادل الا أن قام بتثبيت ورقة على الحائط مكتوب فيها «فنجان قهوة واحد»، واستمر الأمر كذلك طوال النهار، وبعد فترة دخل شخص يبدو عليه الفقر، وقال للنادل: فنجان قهوة من الحائط لو سمحت! فأحضر له النادل فنجان قهوة، فشربه وخرج من غير أن يدفع ثمنه، ثم ذهب النادل الى الحائط وأنزل منه واحدة من الأوراق المعلقة ورماها في سلة المهملات.
واضح أن هذا السلوك يعكس واحداً من أرقى أنواع التعاون الإنساني، وقد تأثر به السياح العرب الذين كانوا يراقبونه، وقرروا الاستفادة منه ونقله إلى مجتمعهم عند عودتهم، مع عدم حصره على «فنجان قهوة» وحسب إذ يعتزمون إطلاق حملة «وجبة غداء أو عشاء على الحائط» يستفيد منها الأشخاص الفقراء الذين لا يجدون قوت يومهم، بحيث يقوم الأشخاص المقتدرون بطلب وجبة زائدة عن حاجتهم ودفع ثمنها دون تناولها بحيث يستفيد منها شخص آخر محتاج، دون أن يشعر بالمهانة أو الذل أو الإحراج.

0
قم بتقييم هذا المحتوى

إضافة تعليق جديد

التحقق البصري
This question is for testing whether or not you are a human visitor and to prevent automated spam submissions.
Image CAPTCHA