قرأت لك

أمثال عربية من الأندلس
د. خالد عبدالكريم البكر

أثبت المؤلف من خلال هذا الكتاب أن نصيب الأندلس في إثراء الفكر العربي الإسلامي متعدد الجوانب وغزير المادة، وأن العقل الآندلسي تفاعل مع محيطه العربي الإسلامي، فأخذ عنه عناصر التكوين، وأعطاه معالم وضاءة في الإبداع، فحين تدارس الأندلسيون العربية لغةً وأدباً، ضربوا فيها بسهم وافر، فتميزت منظوماتهم في اللغة عما سواها، وعندما تناشدوا الشعر العربي جددوا في أشكاله فظهرت عندهم الموشحات والأزجال.

أمثال معبرة
وفي باب الأمثال لم يقتصر الأندلسيون على أمثالهم الدارجة باللسان العامي، بل كان لهم أمثالهم بالعربية الفصحى، وجاءت معبرةً عن جوانب من نشاطاتهم السياسية والاجتماعية والعلمية والاقتصادية، فضلاً عن قيمتها التوثيقية لحوادث من التاريخ الأندلسي، حيث أفرز بعضها حوادث تاريخية معينة، ورغم جدة الأمثال الأندلسية إلا أن معظمها تأثر بأمثال المشرق في مبناها ومعناها مع تغيير طفيف في الكلمات والمسميات مراعاة لمقتضيات الحال.

أسلوب حياة
وأكد الكتاب أن الأمثال الأندلسية أنتجتها فئات متنوعة من شرائح المجتمع الأندلسي، من الرجل إلى المرأة، ومن العالِم إلى العامي، ومن العربي إلى المستعرب، ولهذا الأمر دلالته على تغلغل العربية «لساناً وفكراً وأسلوب حياة» بين مكونات المجتمع الأندلسي، وامتازت التجربة الأندلسية بالخصب والغنى في شتى نواحي الحياة، وكانت الأندلس شمساً مشرقة في الغرب الإسلامي، ومنارة باسقة في العلوم والمعارف، ومعبراً مهماً من معابر انتقال الحضارة الإسلامية إلى أوروبا.

أثر عميق
بادر الأندلسيون كغيرهم من الشعوب، حسب المؤلف، إلى تدوين اللحظات المثيرة في حياتهم، والتي تركت أثراً عميقاً في نفوس الأجيال المتعاقبة، فاختزنتها ذاكرة الأندلسيين بعد أن صاغتها أذهانهم في صورة أمثال تهدف إلى ربط الحاضر بالماضي، حتى لا تنشأ أمة فاقدة للذاكرة، وتهدف كذلك إلى وعظ اللاحق بما جرى للسابق، وإطلاع الأجيال الناشئة على تجارب الآباء والأجداد والشيوخ والاستفادة منها.

40 مثلاً
أشار الكاتب إلى أن الأندلسيين جمعوا ما جرى على ألسنتهم من أمثال ودونوها في مصنفات، فحفظوا لنا مادة علمية طيبة، لكن أغلب تلك الأعمال اقتصرت على جمع أمثال العامة التي حكاها الأندلسيون باللهجة الدارجة، لذلك وجد نفسه معنياً برصد الأمثال التي جرت على ألسنة الأندلسيين بفصيح العربية، ونقب في بطون أمهات المصادر الأندلسية، فاستطاع رصد أكثر من 40 مثلاً أندلسياً، تكلم به أبناء الأندلس بمختلف شرائحهم.

4 محددات
وضع المؤلف 4 محددات لجمع الأمثال؛ أولها أن يكون المثل بفصيح العربية فلم يلتفت إلى الأمثال المحكية بلحن العامة، الثاني أن يكون المثل نابعاً من حوادث التاريخ الأندلسي ومرتبطاً بالبيئة الأندلسية، الثالث أن يحمل المثل في كلماته أو مضامينه قبسات من أثر البيئة الأندلسية، والمحدد الرابع أن يكون المثل مما تمثل به الأندلسيون في مواقف مختلفة وجرى على ألسنتهم في مجالسهم أو جرت به أقلامهم في مؤلفاتهم.

نماذج من أمثالهم
أجمل من وجه أبي عامر، أفصح من بكر الكناني، بيت لا تين فيه جياعٌ أهله، تجنّى الذئب على المعزى، جاء الكبش للجزار، حال من ترك الخبياء والعباء، حفر فلانٌ كرمه حتى أبطله، خير شيء من لا شيء، الرأي للرأي مصقلة، شتان في البعاد ما بين خلة وسعاد، لا يمكن للخباء أن يقف دون أوتاد، ما بين قاض وزامر، مخالفة العامة حرب، يعطي الجوز من لا عنده أسنان، مرقّع الخز باللبود.

0
قم بتقييم هذا المحتوى

إضافة تعليق جديد

التحقق البصري
This question is for testing whether or not you are a human visitor and to prevent automated spam submissions.
Image CAPTCHA