استخدام الخوارزميات لتحسين التنبؤ بالزلازل

التنبؤ بالزلازل فرع من فروع علم الزلازل، يهتم بتحديد مواضع ومواقع وأحجام الزلازل المستقبلية، وبخاصة تحديد معالم الزلزال القوي التالي الذي سيحدث في منطقة ما، ويعتبر التنبؤ بالزلازل من أكثر المشاكل المهمة التي لم تُحل بعد في علوم الأرض، ودائماً ما يسعى المتخصصون في دراسة علم الزلازل إلى استخدام الذكاء الاصطناعي للمساعدة في تحليل الزلازل وفهمها والتنبؤ بها.

على عكس الكوارث الطبيعية الأخرى مثل الأعاصير والفياضانات وحرائق الغابات؛ فإنه من الصعب للغاية التنبؤ بحدوث الزلازل، من الزلازل التي وقعت في الماضي القريب وكان لها تأثير تدميري كبير زلزال اليابان 2011م، وزلزال هاييتي 2010م، والزلزال الذي ضرب الصين عام 2008م.

من أجل فهم أفضل للمواقع التي من المُرجح أن تحدث فيها الزلازل، والظروف التي من المُحتمل أن تؤدي إلى ذلك، والتأثيرات التي ستحدث على المنطقة، يتحول المزيد من العلماء إلى استخدام قوة الذكاء الاصطناعي وتحليل البيانات الضخمة.

وبالنظر إلى مدى صعوبة التنبؤ بالزلازل، فضلاً عن الفشل الذريع في التنبؤ بها، فإن العديد من العلماء يترددون في استخدام كلمة «التنبؤ» حتى عند مناقشة استخدام الذكاء الاصطناعي في تحليل الزلازل.

«التوقعات» هي المصطلح الأفضل، ومع ذلك فإن الهدف النهائي لتحليل الذكاء المرتبط بالذكاء الاصطناعى هو التنبؤ الأكثر دقة للزلازل، والطريقة الحالية الأساسية التي يتم بها الإبلاغ عن مخاطر الزلازل هي من خلال خريطة احتمالية وقوع الزلازل.

تُظهر خرائط الاحتمال منطقة جغرافية ذات مناطق مظللة وفقًًا لاحتمالية الزلازل المحسوبة، ويتم إنشاء الخرائط الاحتمالية استنادًا إلى معادلات رياضية معقدة يجب أن تؤخذ في عين الاعتبار العديد من المتغيرات المختلفة مثل: بُعد المنطقة عن الصدع، والسرعة التي تتحرك بها الصخور على جانبي الصدع، والتاريخ السابق للزلازل في تلك المنطقة.

مع ذلك، فإن هذه الخرائط مجرد احتمالات، مما يجعلها ذات استخدام محدود في الاستعداد لمواجهة كوارث الزلازل، واستجابةً للطابع غير الدقيق لنماذج التنبؤ بالزلازل الحالية، تعتمد النماذج الجديدة على تحليل البيانات الزلزالية بواسطة شبكات عصبية وأنظمة ذكاء اصطناعي.

تكمن ميزة الشبكات العصبية وخوارزميات التعلم الآلي في أنها تستطيع تحليل كميات هائلة من البيانات بسرعة كبيرة مقارنة بالوقت الذي يستغرقه العلماء للقيام به يدوياً، مزيد من البيانات يعني فُرصاً أفضل لاكتشاف نماذج قابلة للتطبيق.

ومع تحسن تقنية أجهزة الاستشعار الزلزالية بحيث أصبحت أصغر وأرخص في التصنيع، سيكون بمقدور العلماء جمع بيانات أكثر وأكثر ومن ثم القيام بتحليلها، ويأمل الباحثون في أن يتم تحسين هذه التقنيات في السنوات القادمة، وبالتالي تؤدي إلى إنشاء أنظمة يمكنها التنبؤ بدقة أكثر بالزلازل، والتقاط إشارات بيئية يتم استخدامها لتحديد مركز الزلزال، وكذلك إلى أين ومدى سرعة انتشار الزلزال.

في عام 2016 م، أصدر باحثون من جامعة كاليفورنيا، بيركلي، تطبيقًا اسمه MyShake، والذي يستخدم مقياس التسارع في الهواتف الذكية لتتبع مدى الاهتزاز الذي يحدث في أي منطقة.

عندما تكتشف مقاييس السرعة الهزة، يتم إرسال المعلومات إلى خادم يقوم بتجميع البيانات ثم تحليلها، فإذا اكتشف عدد كبير من الهواتف في التطبيق اهتزازًا في منطقة ما، يمكن للنظام اكتشاف مركز الحدث وإرسال التنبيهات تلقائيًا إلى الأشخاص الموجودين في المنطقة المحيطة، مما يمنحهم الوقت الكافي لأخذ الحيطة.

ولدى دول مثل المكسيك واليابان أنظمة إنذار مبكر للزلازل الخاص بها، قد لا توفر أنظمة الإنذار المبكر هذه سوى بضع ثوانٍ من التحذير في حالة حدوث زلزال، ولكن تلك الثواني القليلة قد تكون كافية للناس للوصول إلى جزء أكثر أمانًا والحفاظ على أرواح الكثير. 

في النهاية، يمكن أن تساعد البيانات من الأجهزة الذكية إلى جانب تحليل الذكاء الاصطناعي في إنشاء أنظمة إنذار مبكر يساعد العلماء على فهم كيفية ظهور الزلازل في مناطق جغرافية مختلفة. 

د. سطام عبدالكريم المدني

قسم الجيولوجيا والجيوفيزياء- كلية العلوم

0
قم بتقييم هذا المحتوى

إضافة تعليق جديد

التحقق البصري
This question is for testing whether or not you are a human visitor and to prevent automated spam submissions.
Image CAPTCHA