آفاق أكاديمية

البحث العلمي والتركيز النخبوي

معلوم أن وظائف الجامعة الرئيسة هي التدريس والبحث العلمي وخدمة المجتمع، من خلال إعداد وتأهيل الخريجين، ولاشك أن البحث العلمي هو الركيزة الثانية للجامعة بعد التدريس، لأنها المسؤولة الأولى عن نشر المعارف العلمية وتطويرها في مختلف الحقول الإنسانية والطبيعية والتطبيقية، فالجامعة هي البوتقة التي تصب فيها الحصيلة العلمية، ومن ثم يجب أن تكون مؤهلة وقادرة على الريادة وقيادة البحث العلمي، ما دامت تمتلك الوحدات النوعية الأساسية ومناخ التفاعل والإبداع والتطوير.
جامعتنا الرائدة أدركت هذه الحقيقة منذ فترة مبكرة وأولت قضيتي «البحث والنشر العلمي» اهتماماً كبيراً ووفرت لهما كل وسائل الدعم والرعاية والتعزيز والتطوير، ووضعت خطة استراتيجية وحددت أهدافاً وأرقاماً يجب تحقيقها، وقد تم حتى الآن تحقيق جزء من تلك الأهداف، فسجلت الجامعة حضوراً مشرفاً وأرقاماً قياسية في خارطة البحث العلمي والنشر على المستوى المحلي والعالمي، ولكن رغم ذلك لا تزال هناك عقبات وتحديات أمام بلوغ كامل الأهداف وتحقيق كل الغايات في هذا المجال.
وقد تنبه «منبر الجامعة» لهذه القضية وطرحها للنقاش - مشكوراً - في لقاء مفتوح مع عميد البحث العلمي الدكتور خالد الحميزي، وتم خلال اللقاء استعراض ومناقشة أبرز العقبات والتحديات التي لا تزال تواجه «البحث العلمي» في جامعات المملكة بشكل عام وجامعة الملك سعود بشكل خاص، وركزت أغلب المشاركات والمداخلات على القضايا المؤثرة التي يعاني منها البحث العلمي في المملكة بشكل عام وفي جامعة الملك سعود بشكل خاص، وكان أبرزها: التركيز النخبوي، غياب الأولويات، التوطين المكاني، ضعف الصلة بين الجامعات وقطاع الصناعة.
التركيز النخبوي يقصد به أحد أمرين وكلاهما من عوائق وتحديات البحث العلمي؛ الأول استحواذ عدد محدود من جامعات المملكة على أكبر نسبة من الناتج البحثي والنشر العلمي، والثاني استحواذ عدد قليل من الباحثين في الجامعة الواحدة على النسبة الأكبر من الناتج البحثي والنشر العلمي، أما غياب الأولويات فواضح أنه يعني عدم وجود خطة بحثية واقعية تركز على  القضايا الملحة وذات الأولوية في المجتمع، والتوطين المكاني يقصد به وجوب تركيز كل جامعة في مشاريعها البحثية وتجاربها ودراساتها على القضايا المحيطة بها.
اللقاء ناقش أموراً عديدة ذات صلة بالبحث العلمي منها الإطار الاستراتيجي للبحث العلمي في جامعة الملك سعود والخطة الاستراتيجية لعمادة البحث العلمي، وطرح مجموعة من الحلول والاقتراحات، فدعا لأهمية توجيه البحث العلمي نحو الأولويات الوطنية سواء منها البيئية أو الصحية أو الاجتماعية أو الاقتصادية. كما ناقش الانخفاض الشديد في البحث والنشر العلمي في مجالات العلوم الاجتماعية والإنسانية، ودعا لوضع «خرائط بحثية» و«خزانات تفكير» على غرار الجامعات العالمية.
ولا يفوتني أن أشكر الجهود التي يبذلها الزميل د. تركي العيار مشكورًا في الإعداد والتنسيق لهذا البرنامج، والذي يمثل نافذة لمئات من أعضاء هيئة التدريس بجامعتنا على رؤى الإدارة فيها يطرحون التحديات والأفكار النيرة للارتقاء بهذا الصرح الأكاديمي العملاق.
د. عادل المكينزي
makinzyadel@ksu.edu.sa

 

0
قم بتقييم هذا المحتوى

إضافة تعليق جديد

التحقق البصري
This question is for testing whether or not you are a human visitor and to prevent automated spam submissions.
Image CAPTCHA