الخلاف في «كلا وكلتا»

ورد في ص «68» من كتاب «أهم الأخطاء الشائعة اليوم في اللغة العربية» لمؤلفه علي عدنان: «يخطئ من يقول: كلا الرجلين حضرا، أو كلتا المرأتين حضرتا، والصواب أن يقول: كلا الرجلين حضر، وكلتا المرأتين حضرت؛ وذلك لأن كلا وكلتا اسمان مفردان، وليسا مثنيين».

لم يكن علي عدنان بدعًا في تخطئة استعمال «كلا، وكلتا» مثنيين، وقد سبقه في ذلك زهدي جار الله صاحب «الكتابة الصحيحة» وهو يخطئ من يقول: «كلاهما عارفان»، و«كلاهما يعرفان» والصواب عنده «كلاهما عارف، وكلاهما يعرف».

ونرى محمد العدناني في كتابه «معجم الأخطاء الشائعة» ينقل «ص 219» كلام الحريري صاحب «درة الغواص» يقولون: «كلا الرجلين خرجا، وكلتا المرأتين حضرتا، والاختيار أن يوحد الخبر فيهما، فيقال: كلا الرجلين خرج، وكلتا المرأتين حضرت؛ لأن كلا وكلتا اسمان مفردان، وضعا لتأكيد الاثنين والاثنتين، وليسا في ذاتهما مثنيين، فلهذا وقع الإخبار عنهما كما يخبر عن المفرد، وبهذا نطق القرآن في قوله تعالى: ‭}‬كلتا الجنتين آتت أكلها‭{‬ الكهف: 33. ولم يقل آتتا، وعليه قول الشاعر:

كلانا ينادي يا نزار، وبيننا

قنا من قنا الخطّيّ، أو من قنا الهند 

وما قاله عدنان علي غير صحيح، إذ وجدنا من أئمة النحاة من أجاز استعمال «كلا وكلتا» مثنيين، أمثال ابن هشام الأنصاري في كتابه «المغني»، وهو يقول: «كلا وكلتا: مفردان لفظًا، مثنيان معنى مضافان أبدًا لفظًا ومعنى». وقد أورد إميل يعقوب ما نصه: «أجاز أئمة النحاة في «كلا» و«كلتا» مراعاة لفظهما في الإفراد، وهو الأفصح، ومراعاة معناهما وهو قليل، مستشهدًا بقول الأسود بن يعفر:

إن المنية والحتوف كلاهما

يوفي المخارم يرقبان سوادي 

وقد ذهب عباس حسن إلى ما ذهب إليه ابن هشام ويقول في كتابه «النحو الوافي» ما نصه: «ولفظهما مفرد، مع أن معناهما مثنى؛ فيجوز في الضمير العائد عليهما مباشرة، وفي الإشارة، وفي الخبر، ونحوه، أن يكون مفردًا، وأن يكون مثنى، نقول: كلا الرجلين سافر، أو سافرا، وكلا الطالبين أديب أو أديبان، وكلتا الفتاتين سافرت، أو سافرتا، وكلتاهما أديبة، أو أديبتان والأكثر مراعاة اللفظ».

مع أن محمد العدناني نفسه ذكر في صفحة 220، بعد ما سرد كلام الحريري أن أئمة النحاة يرون في كلا وكلتا ما خلاصته: «يجوز في كلا وكلتا مراعاة لفظهما في الإفراد ومراعاة معناهما».

ويقول أبو أوس الشمسان: «والإخبار بالمفرد عن «كلا» ليس نظرًا إلى أن لفظه مفرد بل لأن المراد كلّ واحد منهما». وتابع كلامه قائلاً: «إذ المعنى هو المهم في تكوين التراكيب، فإن اقتضى المعنى الالتفات إلى الإفراد أخبر بالإفراد، وإن اقتضى المعنى الالتفات إلى التثنية أخبر بالمثنى». فلو قال صاحبنا إن مراعاة اللفظ في «كلا وكلتا» أفصح لكان أفضل وأحسن من تخطئة ما ليس خطأ؛ لأن كون أحد الشيئين أفصح لا ينفي فصاحة الآخر.

يعقوب أسامة

كلية الآداب/ قسم اللغة العربية

طالب دكتوراه

من نيجيريا

0
قم بتقييم هذا المحتوى

إضافة تعليق جديد

التحقق البصري
This question is for testing whether or not you are a human visitor and to prevent automated spam submissions.
Image CAPTCHA