تطور أنماط الضيافة

زاوية: عمرانيات

تغيرت أنماط الضيافة في المنازل بعد التحول نحو المدنيّة الحديثة؛ نتيجة لعوامل عديدة أثرت عليها، ومن أهم المؤثرات التي أدت إلى هذه التغيرات استخدام الغاز والكهرباء في البيوت، مما جعل تجهيز القهوة والشاي للضيوف يتم في المطبخ، وتتولى مسؤوليته النساء، ثم يحمله المضيف أو أحد الأبناء بعد ذلك إلى مجلس الرجال، وقد كان النمط المعتاد في المجالس العربية أن يتحلق الضيوف حول القهوة والتمر، ويجلس المضيف بينهم أثناء خدمتهم.

حتى نمط الأثاث تغير أيضًا من العربي إلى الغربي، أو من الجلسات الأرضية إلى استخدام الكراسي «الكنبات»، وبالتالي صارت الخدمة موزعة بدلاً من مجمعة، حيث صار -مثلاً- صحن التمر يوضع لكل شخص أو شخصين على الطاولة التي توجد أمامهما وهما على الكراسي، ثم يقوم المضيف أو أحد أبنائه بتقديم فنجايل القهوة، ثم إعادة ملئها للضيوف وهو واقف.

في بدايات استخدام الكنبات في المجالس كانت الأرضيات ماتزال تفرش بالسجاد، ولذلك كان بالإمكان نزول الضيوف على الأرض وقت تخديم القهوة، خاصة في اللقاءات أو الزيارات غير الرسمية، وفي كثير من الأحيان، كان الضيوف يمضون ما تبقى من الوقت جلوسًا على الأرض، دون العودة للجلوس على الكراسي، ما لم يكن الشخص يشكو من مشكلات صحية تجعل الجلوس على الأرض متعبًا.

ولكن بعد أن صارت الأرضيات تترك مكشوفة بعد تبليطها بالرخام أو السيراميك أو البورسلان، فقد تعذّر ذلك، والتزمت الرسمية نتيجة لذلك! وبالتالي، تغير نمط توزيع المجموعة فراغيًا، فبدلاً من الجلوس في حلقة دائرية متقابلين ومتقاربين، يجمعهم حديث واحد، صاروا متفرقين، متباعدين، مما جعل من السهل أن يتجزأ المجلس إلى مجموعات صغيرة متقاربة.

د. محمد بن عبدالعزيز الشريم

أستاذ العمارة والسلوك البيئي المشارك

كلية العمارة والتخطيط

mshraim@ksu.edu.sa

0
قم بتقييم هذا المحتوى

إضافة تعليق جديد

التحقق البصري
This question is for testing whether or not you are a human visitor and to prevent automated spam submissions.
Image CAPTCHA