بين دقة المعلومات وتبرير إجراء البحوث

إلى الباحثين وطلبة الدراسات العليا: رفقاً بالإنجازات العلمية للوطن. يرتكز إجراء البحوث على قدرة الباحث على عرض مشكلة البحث وتبرير القيام به، وإقناع الآخرين بوجود مشكلة تحتاج لإجابة واضحة عن سؤال محدد مفاده: لماذا يقوم الباحث بهذا البحث؟ وبيان الفجوة البحثية بين واقع قائم ووضع مستهدف يستند إلى محك علمي. 

وحسب المختصين في المنهجية العلمية يتوجب على الباحث الالتزام بالشروط العلمية عند صياغة المشكلة، وقد يختلفون في بعضها إلا أنهم يتفقون حول ضرورة توفر الموضوعية لدى الباحث في صياغة المشكلة وتوضيحها، وهذا ما أكدت عليه اللوائح المنظمة للبحث العلمي «القواعد المنظمة لأخلاقيات البحث العلمي» و«القواعد المنظمة للإشراف على الرسائل الجامعية».

بالاطلاع على بعض البحوث فيما يتعلق بصياغة مشكلة البحث؛ يتبين مبالغة بعض الباحثين في وصف الواقع لتبرير القيام بالبحث؛ فهذا باحث يتناول البحث العلمي في المملكة ويصفه بأنه ضعيف ومخيب للآمال ويربطه بواقع البحث في الدول العربية، ويؤكد عدم الاهتمام به إلى غير ذلك من الأوصاف، ثم في آخر المقطع يرجع إلى مصدر قبل أكثر من 20 عاماً! ولم يكلف نفسه بالبحث عن تقارير قواعد البيانات الدولية المعاصرة للنشر العلمي وما حققته المملكة من إنجازات وريادة على المستوى الإقليمي من الناحيتين الكمية والنوعية، وسعيها للتميز عالمياً، ولا يفوتني هنا الإشارة إلى أن «المملكة حققت المركز الأول عربياً خلال السنوات الماضية في النشر وفق قواعد البيانات الدولية ومنها ISI».

وذاك باحث يتناول الإدارة الإلكترونية في الجامعات السعودية، فيصف الواقع بما ليس فيه على إطلاقة اعتماداً على تعميم ووجهة نظر متحيزة، ثم يكون حل مشكلة البحث بسؤال الجامعات عن ضعف تطبيق الإدارة الإلكترونية ومنها جامعة الملك سعود التي حققت انجازاً بفوزها بالمركز الأول بين قطاعات التعليم والثاني بين مختلف القطاعات الحكومية «156» قطاعاً لقياس التحول للتعاملات الإلكترونية، حسب تقرير «برنامج التعاملات الإلكترونية». 

ثم باحث يتصدى لمشكلة مجتمعية تستند في معظمها على دراسات اجتماعية لمجتمعات تتباين مع طبيعة مجتمعنا، وآخر ينسف جهود أكثر من نصف مليون معلم ومعلمة ليبرر أهمية مشكلة دراسته، وثانٍ يقلل من جهود الممارسين الصحيين ليبرر قصور الخدمات الصحية في جانب من الجوانب، وثالث يريد أن يبني مقياساً تم إعداده في جهة حكومية بخبراتها وإمكاناتها!

هذه بعض أمثلة تؤكد ضعف موضوعية بعض الباحثين، وليست المشكلة في الخطأ المنهجي فحسب وإنما في تبعات سلبية قد تظهر نتيجة الاستشهاد بها محلياً ودولياً، كونها بحوثاً ورسائل علمية صادرة من مجلات علمية أو جامعات لها سمعتها العلمية، كما أنه مثبط لهمم من أسهموا في بعض الإنجازات العلمية.

ونشير إلى أن التبرير لإجراء البحث لا يعني التركيز على الجانب السلبي وإهمال الجوانب الايجابية، بل إن عرض مشكلة البحث بأسلوب موضوعي دليل على وعي  الباحث وعمق معرفته وقدرته على صياغة المشكلة دون تحيز، وإنجازات وطننا تستحق الإنصاف بعيداً عن المبالغة مدحاً وذماً.

د. إبراهيم بن داود الداود

كلية التربية 

0
قم بتقييم هذا المحتوى

إضافة تعليق جديد

التحقق البصري
This question is for testing whether or not you are a human visitor and to prevent automated spam submissions.
Image CAPTCHA