تعزيز ثقافة الإبداع والابتكار

 

 

دائمًا ما يكون للبيئة المحيطة دور هام في التأثير على تنمية القدرات الإبداعية والابتكارية للفرد وتغيير طريقة تفكيره التقليدية، فهي إما أن تكون عامل هدم أو بناء، والمجتمعات تحتاج إلى من لديهم القدرة على التفكير بشكل مختلف واتخاذ قرارات غير تقليدية تساعد على إنشاء بيئات إبداعية جاذبة.

إن الإبداع والابتكار من الأمور التي يصعب تحقيقها أو تطبيقها دون دعم مالي وفني مع ضرورة وجود فريق عمل يساعد على تحقيق الإنجازات وإيجاد الحلول للتحديات والمُعوقات.

الإبداع هو القدرة على استخدام وتطبيق المهارات لإيجاد أفكار جديدة أو حلول لمشكلات بطريقة مبتكرة «أفكار وحلول»، أما الابتكار فهو القدرة على استخدام الأفكار الإبداعية وتحويلها إلى أرض الواقع «تنفيذ وتطبيق».

يتطلب الانتقال من الفكرة إلى الابتكار الناجح قدراً كبيراً من الدعم والتعاون، فعندما يكون الناس محاطين بالإيجابية والتشجيع، يمكنهم إعادة المحاولة والإعادة حتى الوصول إلى بداية بناء فكرة.

تعتبر ثقافة الإبداع والابتكار نوعاً من أنواع الثقافة الشاملة التي تهدف في المقام الأول إلى تعزيز وتطوير الإبداعات والابتكارات داخل أي منظومة، وإذا ما تم تطبيقها بالشكل الصحيح فإنها تؤدي إلى بناء بيئة تنافسية ذات مردود إيجابي على الجميع.

من أجل الاستفادة من القدرة الإبداعية وتوليد الأفكار وتحويلها إلى ابتكارات مستدامة، يجب دعم منسوبي المنظومة وتعزيزهم حتى يتمكنوا من تطوير إمكاناتهم الإبداعية، وهذا يتطلب من ناحية، زيادة القدرة الإبداعية لهم من خلال تطوير المعرفة التخصصية، ومن ناحية أخرى، إدارة وتشجيع بيئة الابتكار.

الإبداع ليس امتيازًا لفئة معينة، بل قدرة يمتلكها الجميع، لكن قلة المعرفة بأساليب وأساسيات الابتكار غالباً ما تمنع القدرة الإبداعية. كما تتأثر الرغبة في الابتكار بشكل إيجابي بزيادة القدرة على الابتكار، حيث يظهر التميز والإبداع مع من هم أكثر ثقة بالنفس وأكثر استعدادًا لتحمل المخاطر والأكثر تحفيزاً.

لا يمكن طلب الابتكار دون وجود مبدعين لديهم القدرة على كسر مسارات التفكير التقليدية والعمل من أجل تطوير الأفكار وتحويلها إلى ابتكارات على أرض الواقع، ويساعد التركيز على استحداث بيئة تدعم الإبداع والابتكار على تأسيس ثقافة تتأصل مع مرور الوقت.

تتطلب ثقافة الابتكار المستدامة التزامًا على أعلى مستوى وذلك للحث على مشاركة وتطوير الأفكار الابتكارية بشكل مستمر، فعلى سبيل المثال، تعد شركة جوجل من بين أكثر الشركات إبداعًا وتشتهر بحقيقة أن كل موظف ينفق حوالي 20٪ من وقت عمله على الابتكار والعمل على أفكاره الخاصة، ويُعتبر هذا الإجراء فعالاً للغاية لأنه يركز بشكل لافت على أهمية الجانب الإبداعي والابتكاري.

تعتبر مرحلة تشجيع التفكير الإبداعي هي الانطلاقة لشرارة التغيير والتطوير نحو بيئة إبداعية وابتكارية أفضل، ويمكن تحقيق ذلك مثلاً عن طريق عقد لقاءات عصف ذهني منتظمة أو مسابقات تختص بالبحث عن حلول ابتكارية لمشاكل محددة.

ختاماً، المفتاح لإطلاق القوة الإبداعية والابتكارية تبدأ بمكافحة الروتين والسلبية وبناء وتطوير المهارات اللازمة للتفكير بطريقة مختلفة وإيجابية، «إذا كان الجميع يُفكر بطريقة واحدة، فليس هناك من يُفكر أصلاً».

 

د. سطام عبدالكريم المدني

كلية العلوم ـ قسم الجيولوجيا والجيوفيزيا

@SattamMadani

0
قم بتقييم هذا المحتوى

إضافة تعليق جديد

التحقق البصري
This question is for testing whether or not you are a human visitor and to prevent automated spam submissions.
Image CAPTCHA