وقفت المبتعثة «تهاني» برهبة في المحكمة وأمام عدسات التلفزيون والقاضي العتيد، ليدور نقاش مثير حول مخالفة مرورية، وكان القاضي الشهير يناقش الطالبة عن تفاصيل الواقعة، وهي تجيب بعفوية عن المخالفة وملابساتها والقاضي يستمع بإنصات.
أبدى القاضي تعاطفًا عبر التجاوز عن بعض المخالفات، وبتصرف ذكي، طلب القاضي من «تهاني» –وهي الطالبة الأجنبية- أن تعبر عن رأيها بالمدينة والولاية التي هي تدرس فيها، فردت وبشكل فاجأ القاضي بقولها «So so»، أي «نوعًا ما»!
وهنا استغرب القاضي الرد، ليبادرها ممازحًا أنه توقع شيئًا آخر وهو أن تهيم بمحاسن الولاية والمدينة والنظام القضائي، ففسرت هذا الموقف «الملتبس» بأنها تعرضت لمواقف جعلتها غير مرتاحة، حيث أشارت لتعرضها سابقاً لهجوم على سيارتها وكسر الزجاج، وهو ما دعاها لأن توقف سيارتها بجوار سكنها حتى لو تعرضت لمخالفات، مما استرعى اهتمام القاضي الذي لم يتردد في رسم البسمة الجميلة على محيا تهاني بأن ألغى ما تبقى من مخالفة عليها.
لم يدر بخلد «تهاني» أن يتحول هذا الموقف «العفوي» إلى اهتمامات وتعاطف الجمهور، ولكن لما تملكه هذه الفتاة من «كارزما» تواصلية عبر الابتسامة الصافية والتعامل العفوي والشجاعة الأدبية، كلها «خلطة» جعلت القاضي يثمن هذا السلوك ويتفاعل معها، وأعطت رسائل «ناعمة» إيجابية.
وهنا مربط الفرس، فالموقف العفوي الجميل أثار اهتمام الآلاف وحظي بمشاهدات عالية تجاوز مجموعها المليون مشاهدة، وبات موضوعًا للنقاش والتداول، وهو الأمر الذي استطاعت تهاني عبر سلوك إيجابي وصادق في التعاطي مع الموقف ليصل الإعجاب في أحد المواقع إلى ما يقارب العشرة آلاف!
إن المواقف الإنسانية العابرة –أحيانًا- تكون أبلغ تأثيرًا في الرأي العام من مؤسسات العلاقات العامة خاصة في ظل سطوة وسائل التواصل الاجتماعي، وقدمت تهاني بسلوكها الطبيعي موقفًا استغرق دقائق معدودة لكنه أعطى رسائل ودلالات كبيرة للمشاهد عن الرقي والتعبير المهذب.
هنيئًا للأسرة التي قامت بتربية هذه الفتاة، وهنيئًا للوطن بفتيات يتقدمن في صروح العلم والأخلاق، وهن من عناصر القوة الناعمة لهذا الوطن الحبيب.
وأترككم لتستمتعون بالمشاهدة:
https://www.youtube.com/watch?v=cLztaKKXanc
د.عادل المكينزي
إضافة تعليق جديد