فن صناعة القرار

في حياتنا اليومية، نواجه الكثير من المواقف التي تتطلب منا الاختيار بين أكثر من أمر، بعض هذه الخيارات سهلة، وبعضها صعب، القرارات التي يبدو أنها الأكثر صعوبة هي تلك التي تتطلب مستوى أعمق من التفكير، لأنها قد تُغير نمط الحياة وتُؤثر على المستقبل.

اتخاذ القرارات السليمة طريقة يمكن تعلُمها وليس شيئاً نولد به بالفطرة، ولكنها إجراءات وخطوات يتم تعلمها عادة من التجارب والمواقف الشخصية، ويقصد باتّخاذ القرار اختيار نهج أو طريق أو آلية معينة من بين عدد من البدائل والخيارات المتاحة.

إن معرفة كيفية اتخاذ قرارات صحيحة هي المفتاح لحياة أفضل، والقُدرة على اتخاذ القرارات في الوقت المناسب والشعور بالثقة في مهاراتك، يُمكن أن يوفر الكثير من الوقت واجتناب العديد من المتاعب.

من حُسن الحظّ، يمكن للجميع اتخاذ قرارات أفضل عن طريق تطبيق مجموعة من النصائح والإرشادات؛ إن الإفراط والمبالغة في الثقة والتوقعات من أهم ما يساعد على اتخاذ قرارات غير صائبة، فالكثير قد يبالغون في تقدير مقدار ما يمكن إنجازه وتحقيقه في فترة زمنية معينة.

أحد أهم استراتيجيات اتخاذ القرار هي مراقبة الأهداف، بمعنى أن يتم تحديد الغرض من القرار بسؤال نفسك ما هي بالضبط المشكلة التي يجب حلها؟ ولماذا يجب حلها؟

ولاتخاذ قرارات سليمة، من الأفضل جمع كُل المعلومات الضرورية المرتبطة مباشرة بالمشكلة، إذ سيساعدك القيام بذلك على فهم أفضل لما يجب عمله، كما سيساعد في توليد أفكار لحلول أخرى، يُنصح أيضاً بتخصيص جزء من الوقت لتقدير احتمالية نجاحك، وفي نهاية اليوم، قم بتقييم تقديراتك.

يُدرك صانعو القرارات الجيدة تماماً أن الثقة المُفرطة يمكن أن تسبب لهم مشاكل، فبالتالي يقومون بتعديل تفكيرهم وسلوكهم وفقًا لذلك، عندما تواجه خياراً صعباً للاختيار بين قرارين مثلاً، يُفضل التفكير في الإيجابيات والسلبيات أو المخاطر المحتملة لكل قرار على حدة، ولا يُنصح إطلاقاً بالتسرع في مثل هذه الحالات.

عندما تكتشف أن قراراتك غير صحيحة، اسأل نفسك عن الأسباب وحاول تجنبها لاحقاً، اعترف بأخطائك، وإذا كانت مشاعرك تقودك بشكل خاطئ، قم بتصحيح الخطأ، حتى عند اتخاذ قرار خاطئ فذلك سوف يُحقق لك أخذ المزيد من الحِيطة والحذر مستقبلاً.

تعلم من الدروس التي يمكن اكتسابها من كل قرار خاطئ تتخذه في حياتك اجعل مراجعة الاختيارات التي قمت بها على مدار اليوم، عادة يومية، قد تؤثر العاطفة بالسلب أو الإيجاب على اتخاذ قرارات غير مناسبة، لذا حاول تجنُب تأثير ذلك عليك.

استشِر ذوي الخبرة المقربين لك وتحدث معهم قبل اتخاذ أي قرار، لأن ذلك يساعدك على التوصل إلى مجموعة متنوعة من الحلول عند تقييم جميع خياراتك لاتخاذ قرار نهائي، فما ندم من استشار.

توقف عن السعي عن الكمال ولا تنتظر أن يكون كل شيء مثالياً، فبناء الثقة بالنفس والتأني في اتخاذ القرارات من أهم ما تحتاج إليهما.

كُن مستقلاً وحيادياً ولا تتأثر بمن حولك، كُن على استعداد لتحمل العواقب والتي يمكن أن تؤثر سلباً أو إيجاباً على مستقبلك، أحياناً يجب عليك اتخاذ قرار سيئ حتى تتجنب الأسوأ.

أختم بمقولة جميلة تعجبني: «أصعب اللحظات هي تلك التي تعتزم فيها اتخاذ قرار يؤلمك ولكنه صائب».

د. سطام عبدالكريم المدني

كلية العلوم ـ قسم الجيولوجيا والجيوفيزيا

@SattamMadani

0
قم بتقييم هذا المحتوى

إضافة تعليق جديد

التحقق البصري
This question is for testing whether or not you are a human visitor and to prevent automated spam submissions.
Image CAPTCHA