حتمية التعلم مدى الحياة لأخصائي المعلومات

اختلف دور المعلومات في البيئة السيبرانية بحيث أصبح  لا يقتصر على اقتناء أوعية المعلومات المطبوعة وحفظها وإتاحتها للمستفيدين، بل امتد إلى اقتناء أوعية المعلومات الرقمية، وإدارة مصادر معلوماتية رقمية، وفهارس رقمية، وتيسير الوصول إلى هذه المصادر والفهارس من الأجهزة الحاسوبية الثابتة أو النقالة، وتقديم خدماتها كلها باستخدام وسائل التكنولوجيا الرقمية. 

وقد أصبح دور أخصائي المعلومات مرتبطًا بهذه البيئة الرقمية، فهو يتعامل مع المستفيدين من خلال موقع المكتبة على الإنترنت الذي بات يمثل الواجهة التي يتم من خلالها البحث فيما تتيحه من فهارس رقمية ومحتوى رقمي، ويعمل في مؤسسة تتيح العديد من المحتويات النقالة التي لا تخلو أي مكتبة منها، وتشمل الكتب المسموعة، والكتب الإلكترونية e-books، والمقاطع الموسيقية وأفلام الفيديو. كما تقدم المحتوى الرقمي الذي يتلاءم مع الأجهزة النقالة،  من خلال تصغير حجم الملفات الرقمية، وتقليل حجم النصوص الواصفة، والسماح بإضافة علامات مرجعية على صفحات معينة، بحيث يمكن الرجوع إليها عند الرغبة في التعمق في الدراسة والبحث.

هذا فضلاً عما تتيحه من خدمات مرجعية نقالة، حيث يمكن للباحث أن  يوجه رسالة نصية من جهازه النقال لأخصائي المعلومات يطلب فيها معلومات معينة أو الإفادة عن مرجع بعينه، فيستقبل المعلومات المطلوبة كرسائل نصية، والتي قد تتضمن بالإضافة إلى ذلك تذكرة بالأحداث الهامة أو بموعد انتهاء فترة الاستعارة أو غير ذلك. كما يمكنه، من خلال جهازه النقال، البحث في الكتالوج أو التحقق من الكتب المعارة، أو إضافة تعليق على محتوى صفحة رقمية، أو تنزيل تطبيق مساعد على الهاتف النقال، أو دفع رسوم الخدمة من خلال أنظمة الدفع عبر الإنترنت.

كما يعمل أخصائي المعلومات في بيئة تتيح إعارة الكتب الرقمية، وهي الكتب التي تتاح نصوصها بشكل رقمي، ويتم تحميلها ونقلها وحفظها وتخزينها وبثها من خلال الإنترنت، استناداً على تقنيات وسائط القراءة الإلكترونية، مثل الحواسيب والأجهزة النقالة والقارئات الإلكترونية، وتسمح هذه الكتب - إلى جانب القراءة أو العرض - بإجراء عمليات البحث، ووضع الحواشي والملاحظات الخاصة بالقارئ، وإبراز مقاطع معينة داخل النص وغير ذلك.

يتضح مما سبق أنه قد آن الأوان لكي يكون لأخصائيي المعلومات موطئ قدم رئيس في الفضاء السيبراني وسط مديري مواقع الإنترنت ومدراء المعرفة وأخصائييها، فالحاصل الآن أن أخصائيي المعلومات – أو أكثرهم-  ينتقلون خطوة إلى الوراء مع ظهور كل تقنية جديدة، ثم يقومون باتخاذ الخطوات الضرورية للحاق بالركب والتعاطي مع هذه التقنية، ولكن بعد أن ينتشر استخدامها.

إن الكثيرين منهم يدركون جيدًا ما ينبغي القيام به لمواكبة التقدم التقني، ولكنهم غير قادرين على الاستعداد لذلك في الوقت المناسب، ومن ثم فينبغي أن يكونوا عارفين بكيفية تقييم قدراتهم في ضوء المتغيرات الحادثة في الفضاء السيبراني، ثم إيجاد حلول لتحديد مواقعهم وسط هذه المتغيرات والمطالبة بأدوارهم الجديدة في الوقت الملائم، والحل معروف ولكنه ليس حلا سهلا أو وصفة سريعة، كما أنه ليس حلاً قصير الأمد، إنه القدرة على التعلم بصورة مستقلة مدى الحياة.

أ. د. جبريل بن حسن العريشي

أستاذ علم المعلومات

0
قم بتقييم هذا المحتوى

إضافة تعليق جديد

التحقق البصري
This question is for testing whether or not you are a human visitor and to prevent automated spam submissions.
Image CAPTCHA