هل درجة الماجستير في علم المكتبات استثمار مجد؟

بدأت فكرة كتابة هذا المقال بعد قراءتي لحوارات كانت تدور بين الكثيرين حول أهمية دراسة علم المكتبات، واتهام البعض لهذا العلم بأنه لم يعد يصلح لهذا الزمن، وما يثيرك أكثر أن يخرج هذا الكلام من ذوي الاختصاص والعاملين في هذا المجال.

رغم قناعاتي فيما يخص هذا العلم، إلا أن تلك الحوارات دفعتني للبحث فيما كتب في هذا الموضوع على المستوى المحلى والعالمي، وقد كانت أول نتيجة وصلت لها أن هذا النقاش ليس حكرًا علينا هنا في المنطقة العربية، فالكثيرون يخوضون في هذا الموضوع، وهناك الكثير من المقالات والآراء التي تقلل من شأن هذا التخصص، ولكن في المقابل هناك الكثير والكثير ممن يناضلون لإبراز أهمية هذا التخصص والذين يؤمنون باستمرارية وبقاء هذا التخصص ويكشفون الأسباب التي تجعل من علم المكتبات علما غير قابل للانتهاء كما يدعي الطرف الأخر.

من الأمثلة مقال بعنوان «خمسة أسباب تجعل من مهنة المكتبات خياراً رائعاً للمسار المهني»، ومقال كتبه Martha J. Spear بعنوان «أفضل 10 أسباب لتكون أمين مكتبة»، وقد نشر هذا المقال في مجلة المكتبات الأمريكية، وهناك الكثير على شاكلة هذه المقالات والتي تدحض فكرة الابتعاد عن دراسة هذا التخصص.

ولكن رغم ذلك دعوني أناقش معكم فكرة الحصول على درجة الماجستير في علم المكتبات للوقوف على ما إذا كان سيضيف قيمة وفائدة للتخصص أم أن وجوده وعدم وجوده سيان!

منذ فترة طويلة يتم النظر إلى كليات الدراسات العليا كوسيلة تساعد الموظفين في العديد من المراحل المهنية للمضي قدمًا في مجال عملهم، وزيادة المكاسب المحتملة الخاصة بهم، ودرجة الماجستير يمكن أن تكون المفتاح لضمان الترقية وتعزيز المجالات المتغيرة، كما قد تكون الشرط الأساسي لعدد من المهن ولكن بعض الدرجات العليا كالماجستير أو الدكتوراه لم تعد تضمن العمل أو تحصيل الرواتب الكبيرة، والوفاء بعبء الديون التي قد يتحملها الطالب من أجل الحصول على هذه الدرجة؛ قد تمنع الكثير من النظر في هذا الخيار.

في كل عام تقوم «FORBES» برصد مواقع البيانات الخاصة بسلّم المرتّبات والأجور للحاصلين على درجة الماجستير لتحدد أفضل 45 تخصصًا في سوق العمل وأسوأ 45 تخصصًا، مع الأخذ بعين الاعتبار ترتيب دفع النمو منذ بداية الالتحاق بالعمل حتى منتصف العمر الوظيفي لأولئك الذين يحملون كل درجة، وكذلك الرضا الوظيفي، والإجهاد، والمعنى المستمد من العمل.

وحسب إحصائيات مكتب إحصاءات العمل الأمريكي لاتزال العدالة الجنائية أسوأ درجة للماجستير للوظائف هذا العام ونمو فرص العمل المتوقعة 7٪ فقط، وكذلك تخصص الإدارة الرياضية، إدارة البناء، علم المكتبات، والصحافة تأتي ضمن أسوأ خمس درجات الماجستير والتي ليس لها فرص كبيرة للعمل أو الحصول على رواتب ضخمة ونمو فرص العمل في هذه المجموعة هو ما دون 7٪.

ولكي أجيب على عنوان مقالي «هل درجة الماجستير في علم المكتبات استثمار غير مجد» تقول المتخصصة دوريتا سكولار Dorotea Szkolar في حقل المعلومات والكاتبة في موقع Information Space بالرجوع إلى ما نشرته جاكلين سميث في يونيو 2011 على موقع فوربس على الإنترنت، وتصنيفها لدرجة الماجستير في علوم المكتبات بوصفها واحدة من أسوأ درجات الماجستير التي يمكن لطالب أن يستثمر فيها، حيث قالت إنها تستند في هذا الترتيب إلى بيانات العمل ومتوسط ما يدفع لهم في منتصف حياتهم المهنية مقارنة بأشخاص آخرين في وظائف مشابهة.

أستطيع أن أفهم استنتاجات سميث؛ فهي تستند فقط إلى البيانات الإحصائية، والتي أشارت إلى أن المكتبات في المتوسط هي أقل رتبة من الهندسة والرياضيات والفيزياء، والمشكلة في تحليل سميث هو أن البيانات الإحصائية وحدها لا توفر صورة كاملة عن الفرص التي يتيحها الحصول على شهادة البكالوريوس في المكتبات.

أنا لا أتفق بالتأكيد مع النظرة القائلة إن شهادة البكالوريوس في علوم المعلومات في عصر المعلومات هي استثمار سيئ، لذلك، اسمحوا لي بتوفير منظور مضاد لاستكمال التحليل الإحصائي وخلق صورة أكثر وضوحًا وأكمل بنيةً من الفوائد التي ترتبط بهذه الدرجة.

من وجهة نظري الشخصية لا شك أن الحصول على درجة الماجستير ينطوي على استثمارات كبيرة في الوقت والجهد والمال، ليس هناك شك في أن وجود الدرجة العلمية علامة إيجابية على الإنجاز، ولكن قد لا يكون دائمًا مجديًا أو عمليًا للفرد الحصول عليها، ربما يعتمد هذا القرار اعتمادًا كبيرًا على نوع الوظيفة والعمل.

عبدالله بن محمد الشمراني

مكتبة الملك سلمان المركزية

0
قم بتقييم هذا المحتوى

إضافة تعليق جديد

التحقق البصري
This question is for testing whether or not you are a human visitor and to prevent automated spam submissions.
Image CAPTCHA