أبعاد غائبة في الخطاب الإعلامي العربي

انتقاء الكلمات وصياغة العبارات أمر لا بد منه في خطاباتنا اليومية العادية، فضلاً عن الخطاب الإعلامي الذي يخاطب جماهير عريضة، فمن يخاطب الناس عبر وسائل الإعلام المختلفة، عليه أن ينتقي العبارات بعناية بالغة ليكون خطابه موزوناً ومؤثراً وحيادياً، ويجد قبولاً لدى المتلقي، ويحقق هدف الرسالة.

لذلك  يجب على الإعلامي أو المؤسسة الإعلامية التي تخاطب الجماهير الالتزام بموضوعيّة بما تتناول من قضايا أو أحداث بما يرفع من شأن المؤسسة ووعيها تجاه إحدى القضايا دون مواربة أو كذب، وأن لا تسعى  وراء شعبية الجماهير المزيفة عبر التكلم بما يحبون سماعه، كما يجب عليها عدم اللجوء للتجريح أو تقديم فكرٍ يتصادم مع المجتمعات بصورة مباشرة؛ لأن ذلك سيُبعد الناس عن رسالتها، ويُفقِدها إمكانيّة التأثير في رأيهم.

في الوقت الحالي أصبح موضوع الخطاب الإعلامي العربي ضرورة ملحة، ما يدعو لإعادة صياغة العبارات وكسر القوالب والأحكام والأكواد الإعلامية القديمة التي سيطرت وما زالت تسيطر على الخطاب الإعلامي العربي، فعلى المؤسسات الإعلامية العربية أن تضع استراتيجية جديدة بإعداد الخطاب الإعلامي العربي لمواكبة التحولات الإقليمية والدولية، ولتغطي الأبعاد الغائية في خطابها الإعلامي.

يفقد الإعلام العربي استراتيجية في خطابه، حيث لا يعطي اهتماماً كبيراً للقضايا الإقليمية الهمة على سبيل المثال: لا يضع الإعلام العربي ضمن أجندته القضايا المهمة في أفريقيا والقرن الأفريقي تحديداً «جيبوتي ـ الصومال ـ إثيوبياً ـ إرتيريا» رغم أن قوى إقليمية دولية كالصين والولايات المتحدة الأمريكية تتنافس على تلك المنطقة وترسل مؤسسات بنائية وتنموية وقواعد عسكرية لتوطيد العلاقة ليكون لهم شركاء في تلك المنطقة.

لا أقصد هنا أن الدول العربية غائبة تماماً عن المشهد السياسي في القرن الأفريقي، نلاحظ أن الحكومات العربية تهتم بتلك الدول وتقدم مشاريع تنموية مثل المشروع التعليمي الناجح في جيبوتي «المعهد الإسلامي في جيبوتي التابع لجامعة الإمام»، والذي يعد هدية من المملكة العربية السعودية ـ حرسها الله ـ إلى القرن الأفريقي بشكل عام والشعب الجيبوتي على الوجه الخصوص، حيث خرَّج هذا المنبر العلمي قادة، ووزراء، وسفراء، ومدراء، ودعاة، وعلماء، وإعلاميين، والمشروع الآخر «مجمع الرحمة التنموي في جيبوتي»، وهو أيضًا مشروع متكامل وهدية من دولة  الكويت.

كل هذه الجهود التي تقدمها الحكومات العربية لم يتناولها الإعلام العربي، وإن تناولها فإنه يتناولها من زوايا سوداء للأسف كبرنامج «جيبوتي حياة ليس بها حياة»، وينظر لتلك الدول والشعوب باعتبارها دولاً فقيرة لا تملك المقومات الأساسية للحياة ويصورها شعوبًا سلبية ضعيفة!

هذا الخطاب الإعلامي العربي المجحف هو الذي زرع الكراهية في قلوب النخبة المثقفة بتلك الدول، وهو الذي يسيئ للسياسة والدبلوماسية، استنادًا إلى المفاهيم الخاطئة والصور المغلوطة التي يقدمها الإعلام؛ مما أدى إلى ظهور مشاكل إقليمية ومحلية تؤثر سلباً على مستوى إدراك الفرد مواقفه الاجتماعية بفعل حجب المعلومات أو طرحها طرحًا ناقصاً أو مغلوطاً.

 

أحمد عبدالله طاهر

طالب في قسم الإعلام مرحلة الماجستير

 

0
قم بتقييم هذا المحتوى

إضافة تعليق جديد

التحقق البصري
This question is for testing whether or not you are a human visitor and to prevent automated spam submissions.
Image CAPTCHA