توحيد الجهود لتحقيق رؤية 2030

وضعت رؤية 2030، المفعمة بالحيوية، ليكون هدفها الرئيس هو بلورة أهداف الدولة وتحديد أولوياتها، ومن ثم توحيد جهود مؤسساتها لتحقيق تلك الأهداف؛ لذا تحتاج كل واحدة من تلك المؤسسات إلى وضع استراتيجية تحقق تلك الرؤية، وهذا أمر بدهي.

لكن من الأهمية بمكان أن نعرف أن جوهر تلك الاستراتيجية، في أي مؤسسة، هو تحديد الهدف الرئيس الذي يتصل مباشرة برؤية 2030، والذي يقوم العاملون فيها بوضعه نصب أعينهم والتصرف بناءً عليه، فيكون التركيز حينئذ على الأشياء الصحيحة التي توصل لتحقيقه من خلال مجموعة من المبادرات المتناغمة ذات الأولويات المحددة.

وهناك مثال يوضح هذه النقطة؛ يجيء أحد المارة إلى موقع يتم فيه بناء متحف، فيوجه سؤالا واحدا إلى ثلاثة عمال، كل على حدة، والسؤال هو  «ماذا تفعل؟». فيجيب العامل الأول: «أنا أحفر حفرة»، ويجيب العامل الثاني: «أنا أصف الطوب»، بينما يقف العامل الثالث بفخر ويقول «أنا أبني متحفا».

إن دور قادة المؤسسات دائما هو تذكير موظفيهم بأنهم يعملون لقضية كبرى، وإتاحة الفرصة لهم لإحداث تغيير في النتائج، فالعامل الأول لا يقوم بمجرد حفر حفرة، بل يخلق أساسًا قويا لكي يظل المتحف شامخا لألف عام، والعامل الثاني لا يقوم بمجرد صف الطوب، بل يقوم بإنشاء واجهة جميلة حتى يأتي الزائرون من أطراف الأرض للاستمتاع بالعمل اليدوي.

وتقدم شركة جوجل - بشأن محركها للبحث - مثالًا جيدًا لذلك، فهي تقول «نحن ننظم معلومات العالم ونجعلها متاحة ومفيدة عالميًا». فأولوياتها هي: تنظيم المعلومات، وإتاحة الوصول إليها، والحصول على نتيجة مفيدة من ذلك؛ ومن ثم فهي تسخر جميع مواردها وطاقاتها وجهود موظفيها لتوفير هذه الأبعاد الثلاثة المترابطة وتحسينها باستمرار.

الخبراء يشددون على أن استهلاك الوقت في الأنشطة اليومية في أي مؤسسة يمثل العقبة الرئيسية أمام نجاحها، لأنه يحول دون التركيز على تحقيق هدفها الرئيس، ومن ثم فالنجاح يكمن في اتخاذ القرارات حول كيفية تركيز الجهود والموارد لتحقيق وحدة العمل من أجل تحقيقه، على أن تجري كل الأعمال طبقا لأولويات موضوعة، وأن تتم في تناغم وتناسق بحيث يكمل بعضها بعضا.

وقد قام رئيس شركة كبرى - ناجحة في مجالها - بشرح طريقته البسيطة والفعالة في نفس الوقت، لكي يضمن أن أنشطته اليومية تتماشى مع الهدف الرئيس لشركته؛ فقال إنه  كان دائما يحتفظ بقائمتين؛ الأولى على يساره وتتضمن المهام اليومية التي ينبغي عليه إنجازها، والأخرى على يمينه وتتضمن الأولويات الاستراتيجية للشركة التي تنطلق من هدفها الرئيس.

وكان كل صباح يدرس كلتا القائمتين، ثم يحدد العناصر الموجودة في قائمة المهام اليومية «على اليسار» والتي تدعم بقوة الأولويات الاستراتيجية في القائمة الأخرى «على اليمين» ويقوم بإنجازها أولاً.

وهذا مثال عملي لما ينبغي أن نفعله، كل في نطاق عمله، أي تطويع المهام العاجلة لخدمة الهدف الرئيس الذي يتصل مباشرة برؤية 2030.

أ. د. جبريل بن حسن العريشي

عميد التطوير والجودة

أستاذ علم المعلومات

0
قم بتقييم هذا المحتوى

إضافة تعليق جديد

التحقق البصري
This question is for testing whether or not you are a human visitor and to prevent automated spam submissions.
Image CAPTCHA