وداعا دكتور فرج عبدالسلام

 

 

بمزيد من الحزن والأسى ينعى العاملون بقسم الهندسة الكيميائية والأساتذة والطلاب وكل العاملين بكلية الهندسة جامعة الملك سعود، رحيل الدكتور فرج عبدالسلام يرحمه الله ويسكنه فسيح جناته.

لقد كان الدكتور فرج هادىء الأعصاب، متديناً وودودا ولا تختفي عن وجهه الابتسامه وذلك عندما ألقاه بقسم الهندسة الكيميائية أو بمكتب أخي أ. د. طارق الفارس عند ترددي على الأخير.

وقد ذكر لي الأستاذ الدكتور طارق الفارس الكثير عن حياة المرحوم وإخلاصه في عمله وتواضعه وخدمة طلابه، فكان يأتي لطلابه في المساء وفي عطلة نهاية الأسبوع لشرح المواد والأبحاث والمشاريع، دون مقابل، إذ لا يهتم بالأمور المادية.

وأذكر عندما كنا نتناقش سويا في التكتيكات الفنية الهندسية للجيش المصري الباسل الذي عبر قناة السويس في حرب رمضان / أكتوبر 1973م، والذي حظي بدعم المملكة العربية السعودية وشقيقاتها من الدول العربية الأخرى. ولعل أهم عائق لتقدم الجيش المصري نحو شبه جزيرة سيناء كان «خط بارليف» ومنها السد الترابي المنيع والذي انهار باستخدام مضخات مياه ضخمة ترشه بقوة مما مهد لنقل المدافع والدبابات للضفة الأخرى من قناة السويس.

إن ما يحسم الحرب مع أي عدو ليست الشجاعة فقط رغم أهميتها، بل الأسس العلمية والفنية والإدارية وغيرها.

وكنت مرارا أذكر في معرض شرحي لطلبتي بمقرر معدات وأساليب التشييد بالهندسة المدنية أهمية المعدة مثل الجرافة والحفارة والدكاكات ومضخات المياه كمنظومة هندسية تعمل بكفاءة ويحسب إنتاجيتها في تنفيذ الأعمال الترابية والمدنية في موقع مشروعات المباني و التشييد، مشابه لما حصل في نفس المنظومة في نجاح عبور قناة السويس في حرب أكتوبر كما رواه لي د. عبدالسلام عندما كان مشاركاً في الحرب وهو شاب.

وقد حاول الزملاء في قسم الهندسة الكيميائية مثل أ. د. خالد الحميزي وأ. د. سعيد الزهراني تمديد عقده لعدة سنوات ونجحوا في معظم المحاولات، ولكن في الفترة الأخيرة لم يسمح نظام الجامعات لأكثر من ذلك، وكان الدكتور فرج يردد دائما بأن المملكة العربية السعودية هي بلده الثاني وأمنيته أن يعيش ويموت فيها، إذ كان في معظم السنين التي قضاها بالمملكة العربية السعودية يؤدي مناسك الحج والعمرة، وفي المقابل لم ينس محبوه بالكلية هذا الشعور وبادلوه نفس الروح والمستوى إذ عندما علموا بوفاته تكلفوا بنقل جثمانه ودفنه ببلده الأول جمهورية مصر العربية.

لقد حصل الدكتور فرج على درجة الدكتوراه من جامعة القاهرة أثناء عمله بكلية الهندسة في جامعة الملك سعود، وحاول عميد الكلية آنذاك أ. د. محمد الحيدر في نهاية الثمانيات من القرن الماضي ترقيته من محاضر إلى أستاذ مساعد، إلا أن نظام الجامعات لم يسمح بذلك؛ وظل بوظيفة محاضر لاقتناعه بالأمر الواقع إلى نهاية فترة خدمته قبل 4 سنين إذ انتقل بعدها للعمل في أحد المعامل الفنية في الرياض وبأجر متواضع.

يطول الحديث عن الدكتور فرج عبدالسلام وكل شخص في قسم الهندسة الكيميائية له ذكريات جميلة مع هذا الإنسان المؤمن والصالح والمخلص، نحسبه كذلك والله حسيبه، ولا نزكي على الله أحدا، داعيا الله أن يتغمده بواسع رحمته وأن يسكنه فسيح جناته، ويلهم أهله وذويه ومحبيه الصبر والسلوان.

أ. د. إبراهيم الحماد 

هندسة مدنية

0
قم بتقييم هذا المحتوى

إضافة تعليق جديد

التحقق البصري
This question is for testing whether or not you are a human visitor and to prevent automated spam submissions.
Image CAPTCHA