التفكير الإبداعي لدى خالد بن الوليد

كان خالد بن الوليد «رضي الله عنه» من ألمع الشخصيَّات التي سطعت في سماء العبقرية العسكرية، واستطاع خلال سنوات قليلة مستعينًا بالله أولاً، ثم بحنكته العسكرية الفذَّة وتفكيره الإبداعي الفريد أن يَدُك حصون الفرس والروم، وهما أعظم دولتين في ذلك الوقت، وأن ينشر الإسلام عزيزًا مهابًا على أرض الجزيرة العربية وفي بلاد العراق والشام.
في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، خاض خالد بن الوليد معركة مؤتة عندما كان عدد جيش المسلمين ثلاثة آلاف مقاتل مقابل مئتي ألف مقاتل من الروم، فخاض المسلمون معركة خطيرة أوشكوا فيها على التعرض لإبادة كاملة، فاستطاع خالد بن الوليد أن ينقذَ جيش المسلمين ويحفظَ له هيبته وكيانه، فقد أوهم الروم بوصول إمداد من المسلمين بإثارة غبار بعيد من قبل العشرات من الجنود، واستطاع أن ينسحب بالجيش ويحفظَ ما تبقى منه بأقل ما أمكن من خسائر.
وبعد أن استلم أبو بكر الصديق «رضي الله عنه» الخلافة وجه خالد بن الوليد إلى بلاد فارس لفتح تلك البلاد بدءًا من العراق، وخاض هناك الكثير من المعارك وحقق فيها انتصارات عظيمة ثبتت أقدام المسلمين في العراق.
ثم طلب منه الصديق التوجَّه لمؤازرة جيش الشام، فانطلق ابن الوليد في جيش من المسلمين وفي طريقه قام بفتح بصرى وهزم الغساسنة الذين كانوا حلفاء مع الروم، وخاض معركة اليرموك واستطاع فيها أن يدحر القوات البيزنطية بعد أن وحَّد الجيش وقسمه إلى 46 كتيبة وعلى كل كتيبة قائد فذ، ثم جرَّ الروم إلى المكان الذي خطط فيه لوقوع المعركة وجعل المدينة المنورة من خلف الجيش ليحتفظ بالإمدادت العسكرية وأوقع الروم في مصيدة لم يخرجوا منها إلا أشلاءً وفلولًا متفرقة بعد أن قُتلَ عدد كبير من جنودهم.
وبعد معركة اليرموك أرسل خالد بن الوليد إنذارًا حربيًّا شديد اللهجة إلى كسرى عظيم الفرس، وقال له: «أَسلِم تَسلَم، وإلا فقد جئتك بقوم يحرصون على الموت كما تحرصون أنتم على الحياة»، فلما وقع الإنذار في يد كسرى ارتعدت فرائصه، وأرسل إلى إمبراطور الصين يطلب منه المدد والنجدة، فرد عليه قائلاً: يا كسرى، لا قِبَل لي بقومٍ لو أرادوا خلْع الجبال لخلعوها، رجال خافوا الله فخوَّف الله منهم كل شيء.

0
قم بتقييم هذا المحتوى

إضافة تعليق جديد

التحقق البصري
This question is for testing whether or not you are a human visitor and to prevent automated spam submissions.
Image CAPTCHA