آفاق أكاديمية

اجعل هويتك الشخصية مميزة
د. خليل اليحيا

تأتي الهوية الشخصية على رأس الأولويات التي يجب على الطلاب الاهتمام بها، والهوية الشخصية هي تلك الصفات والسمات والمزايا الشخصية التي تميز كل إنسان عن غيره، وقد تكون هذه الصفات والمزايا فردية، وقد تكون جماعية مشتركة بين جماعة من الناس أو جماعة من الأعراق كالهويات الوطنية والهويات الثقافية وهي من الأمور التي لا يتحكم فيها الإنسان ولا يملك قراراً باختيارها.
وقد تنحصر هذه الصفات والمزايا في واحدة فقط أو اثنتين لكنهما تكفيان لأن تجعلا الإنسان مميزاً وفريداً بين أقرانه وزملائه، كأن يكون الإنسان مميزاً بمظهره الخارجي وبحسن اختياراته وتناسق ألوانه، وقد يكون مميزاً بلغته وطريقته في الكلام وقدرته على انتقاء الألفاظ، وقد يكون مميزاً بحسن علاقته مع الآخرين وقدرته على أسر القلوب بمنطقه وأفكاره، وهذه من السمات والصفات التي يمكن للإنسان التحكم فيها وتعلمها وتنميتها.
بناء الهوية الشخصية ليست عملية هامشية أو ثانوية، بل يجب أن تكون من أولويات الإنسان التي يحرص على تنميتها وتطويرها والعناية بها، فالهوية الشخصية هي جواز المرور للآخرين، وبناؤها عامل مهم جداً لتعزيز الثقة بالنفس كما أنها أداة التسويق الرئيسية للإنسان عند الآخرين، فهي كالعلامة التجارية التي تخلق صورة ذهنية إيجابية عن أنفسنا للآخرين وتبعث طاقة إيجابية لمن حولنا.
عندما تخرجنا من المرحلة الثانوية وتفرقنا كأصدقاء وزملاء بين الجامعات والمعاهد والكليات، أذكر كيف أن بعض أصدقائنا كانوا يتحدثون بانبهار شديد عن البهو الرئيسي لجامعة الملك سعود ببواباته الزجاجية الضخمة ونوافيره العالية والصدى الذي يدل على رهبة المكان، فعملية انتقال الطالب/الطالبة من الثانوية المكون من مبنى واحد من ثلاثة أدوار إلى جامعة مكونة من سلسلة من المباني الضخمة بأدوارها ومصاعدها وسلالمها ومعاملها كفيل بالتسبب بحالة من القلق والتوتر والإرتباك عند الطلاب.
هذا التوتر والقلق قد يؤثران على الطلاب والطالبات ويصنع حالة من التيه والتردد في البدايات والتي تؤثر بالتالي على مستوى التحصيل العلمي وبناء المعدل التراكمي، ولهذا قد تكون الهوية الشخصية ضحية هذا التوتر والتيه وبالتالي تمضي السنوات دون أن يتمكن الطالب أو الطالبة من بناء أبجديات الهوية الشخصية التي يجب أن تكون مرآةً تعكس جودة شخصية الطالب وسماتها الخاصة وأدواتها الفعالة.
خلال سنواتي الطويلة في الكلية، شاهدت طلاباً وطالبات كانت لديهم كاريزما من نوع خاص وحضور متألق وثقة بالنفس مدهشة، وكانوا على قدر كبير من العفوية الخالية من التكلف، وعلى قدر من المهنية والإنضباط؛ أحد هؤلاء الطلاب كان قيادياً قادراً على التأثير والتغيير، وفي نفس الوقت لم يكن صارماً أو عابساً، بل كانت شخصيته المرحة وابتسامته الدافئة عنواناً آخر لهويته الشخصية والكاريزما التي يتمتع بها، طالب آخر كان لا يتحدث كثيراً، لكن إن تحدث لا تملك إلاّ الصمت والإنصات، فهدوءه أثناء الحديث وانتقاء كلماته وعباراته فنٌ لم يكن بوسع أحد مجاراته أو محاكاته.
واختم بهذه الكلمات لكل الطلاب والطالبات، إهتم ببناء هويتك الشخصية، وقم بتنمية الخصائص الفريدة التي تملكها، وابدأ في رسم صورة ذهنية إيجابية عند الآخرين ترتبط باسمك ورسمك وحرفك.

كلية الطب – (alkhaleel@ksu.edu.sa)

0
قم بتقييم هذا المحتوى

إضافة تعليق جديد

التحقق البصري
This question is for testing whether or not you are a human visitor and to prevent automated spam submissions.
Image CAPTCHA