وقفات أكاديمية

أهمية القراءة للطالب الجامعي
د. خليل اليحيا

 

القراءة ثقافة قبل أن تكون مهارة وهواية، وهي وحي إلهي، حيث كانت أول آية من القرآن الكريم (اقرأ باسم ربك الذي خلق)، والتي نزلت على أمة أمية لا تقرأ ولا تكتب، فنافست بها الأمم الأخرى في ميادين العلوم الطبيعية والإنسانية والاجتماعية والطبية.
والقراءة عملية معرفية حيوية تلهم عقولنا للتفكير وحواسنا للتأمل وفضولنا للإشباع، وإلى وقت قريب، كانت القراءة هي الشكل الوحيد للترفيه الشخصي، وبقيت في دائرة الاهتمام لسنوات طويلة، حيث يتنافس المثقفون والأدباء والوجهاء والعلماء وغيرهم من عامة الناس في ميادين القراءة واقتناء الكتب والمجلدات لبناء حصيلة معرفية ولغوية وبلاغية تساعدهم في مسار تخصصاتهم.
ولا شك أن القراءة الجيدة تنعكس على المزاج الشخصي، وتجعلنا في مستوى أفضل، لهذا تأتي القراءة ضمن أهم الصفات التي يتميز بها الأشخاص الناجحون. يقول توم كورلي الخبير في مجال العادات والثروات: «عادة الأشخاص الأقل نجاحاً يقرؤون لمجرد التسلية، بينما الأشخاص في القمة فهم متعطشون لقراءة الكتب المتعلقة بالتطوير وتحسين الذات».
ويستشهد رائد الأعمال الدولي والمدرب المختص في أنماط الحياة بول برونسون بعدد من المشاهير والأثرياء والناجحين الذين يمارسون القراءة بشكل يومي، وانعكاس هذه العادة على استمرار تألقهم ونجاحاتهم. بل حتى السيد بول برونسون يصف نفسه أنه كان طالباً ضعيفاً في المرحلة الثانوية حتى زار المكتبة لأول مرة وقرأ أول كتاب في حياته في عمر الثامنة عشرة، ثم لاحقاً غيرت القراءة من حياته وأصبح يحظى بتقدير واحترام على المستوى الدولي كمدرب ورائد أعمال مرموق.
القراءة مهمة للترفيه الشخصي، وهي كذلك مهمة للتنمية الذاتية، وهي بالتأكيد أكثر أهمية للحياة الأكاديمية والمهنية، فالكتب والمراجع والمخطوطات والمقالات والمجلات العلمية تشكل أحد أهم مصادر المعلومات الموثقة للطلاب والباحثين، وبالقراءة يمكن استخراج هذه الكنوز من المعلومات والحقائق والنظريات والفرضيات والقصص والتجارب، بل وحتى المشاعر والأفكار.
في المقابل، قد تكون القراءة مملة جداً ومرّة كالعلقم عندما يتعامل معها الطالب وكأنها أمرٌ لازم فتتحول إلى روتين قاتل ومؤلم، وهنا تصبح القراءة مضيعة للوقت، وتعمل على تعكير المزاج الشخصي والإتـزان النفسي. ولأجل هذا لا بد من تنمية مهارة القراءة وتحويلها لهواية من خلال تعلم استراتيجيات القراءة والتدرج فيها والصبر على ذلك.
ولعل من أجمل فوائد القراءة أنها تعمل على تحسين مدارك الطالب، وتجعله أكثر فهماً واستيعاباً للعالم من حوله من خلال الإطلاع على تجارب الآخرين وظروفهم ومواقفهم ومبادئهم في الحياة. والقراءة أيضاً تعمل على زيادة رصيد الإنسان من المعارف والعلوم وتجعله أكثر ثقافة وحكمة ودراية. ومن فوائد القراءة أنها تتصل مباشرة بالعقل بينما يبقى القارئ صامتاً يتمعن في الحروف والكلمات والجمل والعبارات، وهنا يكمن جوهر النمو الشخصي والتعلم الذاتي من خلال قراءة وجهات نظر الكتّاب والمؤلفين حول الحياة.
كلية الطب
alkhaleel@ksu.edu.sa

0
قم بتقييم هذا المحتوى

إضافة تعليق جديد

التحقق البصري
This question is for testing whether or not you are a human visitor and to prevent automated spam submissions.
Image CAPTCHA