العلاج بالقراءة «بيبليوثيرابي»

 

 

 

تعد القراءة أول وسائل التعلم وأقدمها, فمن خلالها تكتسب المعرفة والعلوم والمبادئ والتعلم المستدام فتتولد الأفكار، ولأهمية القراءة أمر الله بها فقال تعالى «اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ».

تساعد القراءة على التأمل والتدبر، وتعد القراءة أحد أدوات الطب التكميلي كالأعشاب وممارسة الرياضة والصلاة واليوجا والعمل وغيرها من أدوات الطب التكميلي.

ويعرف العلاج بالقراءة «بيبليوثيرابي»، حيث تكون فيه المكتبات بديلاً عن المستشفيات أو جزءًا منها، إذ إن السبب الرئيسي للأمراض عمومًا يعود إلى الجهل وعدم التثقيف الصحي، كما أن الخلل في الخريطة المعرفية تنشأ عنه معتقدات خاطئة تصيب الإنسان بالأمراض النفسية.

تعتمد فكرة العلاج بالقراءة على التثقيف الصحي والتخفيف عن النفس وخلق الدافعية والتشجيع، فيتغير فهم الأمور وترى بمنظور صحيح ويتغير التفكير السلبي إلى إيجابي فيتم الشفاء بإذن الله.

كما تساعد القراءة في وصول الأكسجين للمخ فتساعد على تغذيته مما يساعد في تطوير المهارات وتوسيع المدارك لدى الإنسان، إضافة إلى ذلك تؤدي القراءة بتدبر إلى القشعريرة والخشية وتأثر الجلد والقلب وحدوث السكينة وكلها إشارات فسيولوجية عصبية.

قال الله تعالى «اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَابًا مُّتَشَابِهًا مَّثَانِيَ تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ إلى ذِكْرِ اللَّهِ». وقد أشارت دارسات أن لتلاوة القرآن الكريم أثرها في إحداث تغيرات فسيولوجية تهدئ الجهاز العصبي وتخفف التوتر.

ويعد العلاج بالقراءة علاجا مفيدًا في العلاج الروحي، كما يساعد في علاج المرض النفسي مع الدواء، كذلك مع المرض البدني النفسي، وبهذا تعد القراءة علاجاً فَعالاً للكثير من الأمراض خصوصًا الأمراض النفسية مثل الاكتئاب والوساوس والمشاكل الاجتماعية وكلها من أمراض العصر.

وكذلك يفيد العلاج بالقراءة في علاج الفوبيا مثل فوبيا الظلام والأماكن المرتفعة والأماكن المغلقة، كما يفيد في علاج الأمراض السلوكية مثل العنصرية والعرقية والأنانية وغيرها.

أيضا يستخدم العلاج بالقراءة في علاج الإدمان بإعطاء المدمنين كتيبات عن خطورة الإدمان وطرق الشفاء منه والوقاية من الانتكاسة بعد الشفاء، أيضا تساعد القراءة في علاج الأمراض المزمنة كالسكري والسرطان وضغط الدم والكولسترول وغيرها بقراءة الكتيبات التي تساعد على التعايش مع الأمراض.

أيضا يستخدم العلاج بالقراءة في علاج الأمراض التناسلية وفي علاج الشره وفقدان الشهية والنهام والسمنة والشيخوخة، وللقراءة دور في تخفيف الآلام المزمنة، كما أفادت دراسات إلى أن الإنسان يكون أكثر عرضة للإصابة بالأمراض إذا كان لا يقرأ، وبذلك  تكون للقراءة فوائد علاجية لكثير من الأمراض العصرية.

ولتحقيق الشفاء بالقراءة يجب الإيمان بالمادة المكتوبة خاصة الإيمان بالكتب السماوية وعلى رأسها القرآن الكريم والاعتقاد في الشفاء به، قال الله تعالى «وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِين»َ، وقال «قل هو للذين آمنوا هدىً وشفاء».

في العصور الوسطى الإسلامية كان يستخدم القرآن الكريم لعلاج المرضى. كما استخدمت الكتب المقدسة والكتابات الدينية في علاج المرضى في أوروبا وأمريكا، وهو ما أدى إلى إنشاء مكتبات في المؤسسات العلاجية، ويعد اليونانيون أول من استخدموا القراءة في العلاج.

وأخيرًا القراءة مهمة لمحاربة الجهل الذي يعد أخطر الأمراض، والقراءة فرصة لتحقيق الذات وتحسين الحالة النفسية وزيادة الثقافة والتطوّر والتعلّم واستغلال الوقت فعليك باغتنام الفرصة.

أ. د. جمال الدين إبراهيم هريسه

كلية الصيدلة

0
قم بتقييم هذا المحتوى

إضافة تعليق جديد

التحقق البصري
This question is for testing whether or not you are a human visitor and to prevent automated spam submissions.
Image CAPTCHA