الضيافة الحديثة

زاوية: عمرانيات

تميزت الضيافة في الأزمنة الماضية بالبساطة، متبعة نظرية «الجود من الموجود»، ومع أن الأحوال المادية لم تكن مثلما هي عليه في العقود الأخيرة، إلا أن اللقاءات العائلية والمناسبات الاجتماعية كانت تتم بشكل أكثر، وبصفاء نفوس وسعادة أكبر.

لم يكن المضيف يهتم كثيرًا بإظهار الفخامة، بل كان يهتم بإكرام ضيوفه وفق استطاعته، لم تكن الفخامة في الأواني أو الأثاث مهمة لهم مثلما كانت أهمية الضيوف!

ولكن بعد الطفرة والثراء والتوسع، صار الاهتمام بالفخامة والتفاصيل في الأثاث وأواني الضيافة وأسلوبها يفوق الاهتمام بالضيوف، وبالتالي صار الضيف يشعر -أحيانًا- بأنه ثقيل على المضيف؛ نتيجة لما يراه من تكلف في الضيافة والخدمة، مما يخالف الهدف من الزيارة أصلاً.

ومع أن معظم ثقافات العالم تشير إلى أن مكان الضيافة ينال الاهتمام الأكبر لمالك المنزل وأسرته، مما ينعكس في نوعية الأثاث وتجميل الفراغ والعناية به، إلا أن المبالغة في الماديات تصبح في نفسها عبئًا على الضيف وعلى المضيف.

وهذا ربما يكون من الأسباب التي تجعل كثيرين في مجتمعنا يفضلون الضيافة في الملاحق أو بيوت الشعر، لأنها تخلصهم من هذا العبء الثقيل، وتجعل الإنسان هو محور اللقاء، بينما تكون بيئة المكان خادمة ومساندة لذلك.

ولعل هذا يظهر واضحًا عند المقاربة بين طبيعة الأكل الذي يقدم في غرفة الجلوس والطعام الرسميتين، وبين ما يقدم في الملحق أو بيت الشعر! ففي الفراغ الأخير، على سبيل المثال، يمكن تقديم طبق من «الفول وخبز التميس»، بينما يكاد يستحيل تقديمه على الطاولة الفخمة في غرفة طعام الضيوف!

د. محمد بن عبدالعزيز الشريم

أستاذ العمارة والسلوك البيئي المشارك

كلية العمارة والتخطيط

mshraim@ksu.edu.sa

0
قم بتقييم هذا المحتوى

إضافة تعليق جديد

التحقق البصري
This question is for testing whether or not you are a human visitor and to prevent automated spam submissions.
Image CAPTCHA