الملتقى الإعلامي يناقش دور «صحافة المواطن» في مواجهة الأزمات الاقتصادية

بالشراكة مع الجمعية السعودية للإعلام والاتصال
د. المطيري: تويتر جعل المواطن السعودي أكثر تفاعلاً مع الاقتصاد وساعد على توثيق الحدث
هناك ضعف في محتوى الصحافة المطبوعة وغياب برمجيات تدعم تحليل البيانات باللغة العربية

تغطية: نورة الصويغ – حصة الفراج – أفراح المطيري – منى العيسى

واصل الملتقى الإعلامي ندواته الأسبوعية بالشراكة مع الجمعية السعودية للإعلام والاتصال بعقد ندوة بعنوان «صحافة المواطن» قدمتها الدكتورة الجوهرة المطيري، أستاذ مساعد في قسم الإعلام، وذلك يوم الأربعاء 30 أكتوبر 2019م، بمدرج رقم 3 كلية الآداب الدور الأرضي للنساء، ومدرج كلية الآداب للرجال، بحضور عدد من أعضاء وعضوات هيئة التدريس، وعدد من طلاب وطالبات قسم الإعلام.

تعريف صحافة المواطن
ابتدأت د. المطيري باستعراض بحثها المقدم لنيل درجة الدكتوراه من جامعة سالفورد بعنوان «دور تويتر في تشكيل صحافة المواطن تجاه الأزمة الاقتصادية في السعودية» مشيرة لوجود رؤى متعددة لتعريف صحافة المواطن في العالم الثالث والدول غير الديموقراطية، منها تعريف Melissa wall عام 2015 التي حصرت التعريف في النشطاء السياسيين في مناطق النزاع أو ضد الأزمات السياسية.
بينما أشارت دراسات أخرى لصحافة المواطن في منطقة الخليج على أنه نوع من أنواع الإعلام الجديد الذي يعبر عن وجود المواطن في قلب الحدث وتوثيقه له ومن ثم إرساله عبر وسائل التواصل الاجتماعي، ممثلة على ذلك بالفيديو الذي تم تداوله عبر «تويتر» عن المشادة الكلامية لوزير الصحة أحمد الخطيب مع أحد المواطنين، عقب إبداء الأخير رأيه تجاه سوء الخدمة الطبية الموجهة له، والتي نتج عنها إقالته من منصبه.

أزمة اقتصادية
انفردت الرؤية البحثية التي قدمتها المطيري عن صحافة المواطن بتطبيق المصطلح على الأزمة الاقتصادية التي واجهت المملكة العربية السعودية مع نهاية عام 2014 بسبب انخفاض أسعار النفط، حيث رصدت تأثير هذه الأزمة على معيشة المواطن السعودي من خلال «تويتر» باعتباره  أكثر منصات شبكات التواصل الاجتماعي ممارسة لصحافة المواطن، وتفاعلاً في المملكة العربية السعودية.

توتير الأكثر تفاعلاً
كما استشهدت بإحصائية صدرت عام 2017 أشارت إلى ارتفاع معدل التغريد في المجتمع السعودي بما يفوق مليون تغريدة يومياً، وهو ما يدل على أهمية استخدام وتفاعل المواطن السعودي في «تويتر»، ممثلة على ذلك بعرض أحد برامج «التوك شو» الأمريكية لقصة طالب طلب من معلمه أن يقوم بإعادة اختباره، فوافق المعلم بشرط أن يكتب الطالب تغريدة على توتير، وتحصل على عدد معين من الإعادة، وبالفعل تفاعل مجموعة من أصدقائه السعوديين مع التغريدة بنسبة فاقت 60%، بما حقق العدد المطلوب خلال أقل من 24 ساعة، مما أثار دهشة مذيع البرنامج، مشيراً إلى أن تويتر يعتبر من أهم وسائل التواصل الاجتماعي بين أفراد المجتمع السعودي.

صحافة المواطن تجاه الأزمة
كما أوضحت د. المطيري في رسم بياني العلاقة التبادلية بين ممارسة صحافة المواطن تجاه الأزمة الاقتصادية من جهة واهتمامات الجمهور السعودي من جهة أخرى، ذلك بتحليل الهاشتاقات المرتبطة بعينة من القضايا المتعلقة برؤية 2030، باعتبارها رؤية إصلاح اقتصادي، وذلك بعد إطلاقها خلال 23 ساعة، ومنها أزمة البطالة، تمكين المرأة السعودية، فرض الرسوم على الأراضي البيضاء، أزمة السكن، كما اشتملت العينة على خمسة قرارات اقتصادية أصدرها خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان كبداية للإصلاح ومواجهة الأزمة.

إحصائيات
وأشارت المطيري، مستشهدة ببعض الإحصائيات، إلى حاجة الجمهور للمعلومة عن القضايا المذكورة، معتمدة على منهج البحث المختلط ما بين النوعي والكمي، إضافة إلى أداة المقابلة العلمية مع مجموعة من الكتاب الاقتصاديين والمؤثرين في وسائل التواصل الاجتماعي لدورهم في إثراء المحتوى الاقتصادي تجاه هذه الأزمات، وذلك عن طريق المشاركة المعرفية، إضافة إلى عينة من الصحفيين المهنيين في القضايا الاقتصادية في الصحافة المطبوعة في المملكة، لستة صحف محلية «الرياض، الجزيرة، عكاظ، الاقتصادية، اليوم، الوطن».

أسباب ظهور صحافة المواطن
وقد ألقت نتائج الدراسة الضوء على أهم الأسباب التي دعت إلى ظهور صحافة المواطن، ومنها ضعف المحتوى الاقتصادي في الصحافة المطبوعة في المملكة العربية السعودية، وانطلاقها من رؤية المسؤول، مع تهميش بعض طبقات المجتمع السعودي وتركيزها على النخبة، كما أكدت على مساهمة صحافة المواطن في رفع سقف الحرية، وتناول بعض القضايا المحظور طرحها في الصحافة المطبوعة الاقتصادية، بحسب ما أشار إليه بعض الصحفيين المهنيين فيما يتعلق بقضية رسوم الأراضي البيضاء.
من ناحية أخرى، أوضحت المطيري من خلال جدول يعبر عن مؤهلات الصحفيين المهنين في صحف العينة، أن أغلبهم يحملون مؤهلات في الدراسات الإسلامية أو اللغة العربية أو الثانوية العامة أو تخصصات لا تمت لعلم الاقتصاد بأي صلة، وهو ما انعكس بدوره على ضعف المحتوى المقدم بها.

ثقافة توثيق الحدث
من أهم المؤشرات الإيجابية التي خرجت بها الدراسة تجاه صحافة المواطن توليدها لثقافة توثيق الحدث لدى المجتمع السعودي عن طريق تصويره ونشره عبر تويتر، كما أوجدت قناة جديدة للاتصال بين الكتاب الاقتصاديين في «تويتر» وبين السلطة تمثلت في دعوتهم للمشاركة في العديد من القرارات الاقتصادية كميزانية الدولة وبرنامج رؤية ٢٠٣٠ قبل أن يتم إعلانها بشكل رسمي في الإعلام التقليدي.

نشر الثقافة الاقتصادية
ومن ضمن المؤشرات الإيجابية التي أشار لها أغلب عينة الدراسة من الكتاب الاقتصاديين ارتفاع مقروئية مقالاتهم بعد عرضها على تويتر، ووصولها لأكثر من «ثلاثة ملايين» مشاهدة، إضافة إلى نشر الوعي والثقافة الاقتصادية، والقدرة على التفريق بين بعض المصطلحات مثل الميزانية والموازنة، وإزالة اللبس عن البعض الآخر مثل  تضخم الأسعار، دخل الفرد، وذلك من خلال الرسائل التوعوية التي عادة ما تبدأ عبر «تويتر» ثم تنتشر عبر «واتساب» ثم «يوتيوب» حسب ما أكدت عليه الدراسة.

واقع فوضوي
في ختام الندوة, تم فتح باب المداخلات التي بدأت بمداخلة طالبة من قسم الإعلام متسائلة هل خلقت صحافة المواطن واقعاً فوضوياً لنشر الأخبار الكاذبة والإشاعات؟
أجابت د. المطيري مؤكدة على أن ترويج الشائعات إحدى المشاكل المتعلقة بصحافة المواطن، مشيرة إلى دور التقنية في التصدي لذلك، من خلال بعض البرامج التي لديها القدرة على التمييز بين الخبر المفبرك و الحقيقي.

الحسابات الوهمية
تلتها مداخلة للأستاذة بدرية العبيد عضو هيئة تدريس بقسم الإعلام والتي تساءلت فيها عن الحسابات الوهمية هل هناك إحصائية لها؟
أجابت د. المطيري أن 20% من الحسابات التي شاركت في هاشتاق الأوامر الملكية فيما يتعلق برسوم الأراضي البيضاء كانت وهمية، وتم الكشف عنها عبر برنامج «ديسكافير تيكست» لمعرفة الموقع، مشيرة إلى أن اللافت للانتباه هو استخدام أصحاب هذه الحسابات أسماء وصور ومفردات قريبة من المجتمع السعودي، مشيرة إلى نقطة هامة من واقع تحليل البيانات وهي أن الهاشتاق الذي اتخذ في بدايته مساراً إيجابياً، أثر وبشكل واضح على نهج بقية التغريدات نحو نفس الاتجاه، والعكس صحيح.

تباين المصطلحات
اختتمت الندوة بمداخلة الدكتورة ثريا البدوي أستاذ العلاقات العامة بقسم الإعلام، والتي أشادت بالعرض وطريقة الطرح، ثم تطرقت إلى طرح عدة أسئلة تتعلق بتباين المصطلحات هل يرجع إلى اختلاف اصطلاحي أم دلالي؟
اتبعته بسؤال أخر حول تأثير اندماج الصحفي المواطن مع مؤسسة صحفية أخرى، وتأثير ذلك على حريته التي اكتسبها مسبقاً في الفضاء العام ومصداقيته، في ظل الصحافة التشاركية التي تؤثر على اكتسابه الشرعية نتيجة لانتمائه لها ومحاولاتها لتوجيهه وإخضاعه لسياستها العامة، وأخيراً وجهت سؤالاً منهجياً حول كيفية التحليل المنهجي للدراسة، خاصة فيما يتعلق بالتحليل النوعي للتغريدة.
وقد أجابت د. المطيري بخصوص المصطلحات بالإشارة إلى التعريف الإجرائي للصحفي المواطن في دراستها على أنه من يحمل المعرفة والخبرة الاقتصادية من الكتاب المتخصصين في هذا المجال، مستمداً شرعيته من كتاباته على منصة «توتير» بعيداً عن كونه ينشر في الصحف المحلية، وهو ما يشير إلى أنه ليس مواطناً عادياً كما أشارت إليه دراسات سابقة.

الجانب المنهجي
كما أشارت إلى أهم التحديات والمراحل التي مرت بها الدراسة فيما يتعلق بالجانب المنهجي، ومنها توفير البرامج المتخصصة في سحب البيانات والتي يشترط أغلبها حداثة بيانات السوشال ميديا لمدة أقصاها أسبوع مثل «ديسكوفر تيكست» وبرنامج «لود إكسل» المستخدم عادة في التسويق لقياس منتج معين، كما مثلت فلترة المحتوى بعيداً عن الحسابات الوهمية مرحلة أخرى من مراحل البحث، وأخيرا مرحلة تحليل البيانات التي تمت بشكل يدوي وترجمتها عربياً بعيدا عن حيادية الباحث، منتقدة بذلك عدم وجود برمجيات تدعم النصوص باللغة العربية، باستثناء بعض المنصات الشبابية السعودية المحدودة التي تتعامل مع تحليل المحتوى التسويقي، وليس البحثي.

0
قم بتقييم هذا المحتوى

إضافة تعليق جديد

التحقق البصري
This question is for testing whether or not you are a human visitor and to prevent automated spam submissions.
Image CAPTCHA