تفعيل دور البحث العلمي

لطالما تُقاس حضارة الأمم بمدى تقدم مستوى التعليم والبحث العلمي ودورهما في تحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية.

إن البحث العلمي يُعد ركناً أساسياً من أركان المعرفة في شتى التخصصات المختلفة، وأحد المجالات الهامة التي تجعل الدول تتطور بسرعة وتتغلب على كل المشكلات التي تواجهها بطرق علمية، إذ أصبح محرك النظام العالمي الجديد هو البحث العلمي والتطوير.

البحث العلمي هو أداة لبناء المعرفة ولتيسير التعلم والذي يعنى بإنتاج وتطوير وتعميق المعرفة العلمية، هو «استثمار» وليس ترفاً أكاديمياً.

إن إجراء البحوث من أهم الضروريات الإستراتيجية في تقدم العلوم، فهي مطلوبة ليس فقط للطلاب والأكاديميين، ولكن للمجتمع كافة، وأساس البحث العلمي يكمن في اكتساب المعرفة واستخدامها بالشكل الصحيح، ذلك يتضمن العمل على المعرفة السابقة لبناء معرفة جديدة. لطالما خصصت الدول المتقدمة من ميزانياتها للإنفاق على البحث العلمي وتنويع مصادره، فعلى سبيل المثال لا الحصر، تحتل الولايات المتحدة الأمريكية المرتبة الأولي من بين الدول الأكثر إنفاقاً على البحث العلمي والتطوير بمبلغ سنوي يصل إلى 487 مليار دولار، أي ما يعادل 2.81% من إجمالي الناتج المحلي.

وتأتي الصين في المرتبة الثانية حيث تنفق حوالى 361 مليار دولار سنوياً، أي ما يعادل 2.01% من إجمالي الناتج المحلي، ثم اليابان التي تنفق حوالي 3.47% من إجمالي الناتج المحلي أي ما يعادل 160.6 مليار دولار.

إضافة إلى ذلك، تزداد مخصصات البحث العلمي في الدول المتقدمة عاماً بعد آخر، إذ إنها تتضاعف كل ثلاث سنوات تقريباً.

يعود قصور الجامعات في البحث العلمي إلى عدم تخصيص ميزانية مستقلة ومشجعة لذلك، إضافة إلى أن الحصول على منحة بحثية يستغرق إجراءات طويلة ومعقدة، أضف إلى ذلك افتقار الجامعات بعدم وجود فرق متخصصة بتسويق الأبحاث ونتائجها إلى الجهات المستفيدة ذات العلاقة، والذي بدوره أدى إلى غياب دور القطاع الخاص وعدم مساهمته في دعم البحث العلمي بشكل فعال.

إن البحث العلمي يتطلب إنفاقاً مالياً كبيراً على المنشآت البحثية كالمباني والمختبرات وتجهيزاتها، تأهيل الكوادر البشرية وتطويرها، توفير الحوافز المادية والعنوية.

الجميع يعرف أن الجامعات هي محاضن العلم ومعاقل العلماء وصانعي الأفكار، غير أن ما يجري يحتاج إلى إعادة النظر إليه في شتى المجالات وبخاصة في تصحيح مفهوم البحث العلمي وتهيئة البيئة العلمية الخصبة لذلك.

فلنعترف أن هناك تقصيراً في أداء بعض المهام ولنحاول معالجتها بالشكل الصحيح، عدم الحصول على الدعم اللازم لتنشيط واستمرارية البحث العلمي، من أهمها.

ومن الأهمية بمكان تخصيص ميزانيات سخية للبحث العلمي أسوةً بما هو معمول به في الدول المتقدمة، حتى يصبح البحث العلمي أولوية وطنية.

ختاماً، تكمن أهمية الاهتمام بالبحث العلمي بأنه حاجة مُلحة لبناء اقتصاد معرفي وتنمية مستدامة ومفتاح التنمية المؤهلة لتطوير وتقدم المجتمع، «البحث العلمي أسلوب حياة».

د. سطام عبدالكريم المدني

أستاذ الجيوفيزياء المشارك

قسم الجيولوجيا والجيوفيزياء - كلية العلوم

0
قم بتقييم هذا المحتوى

إضافة تعليق جديد

التحقق البصري
This question is for testing whether or not you are a human visitor and to prevent automated spam submissions.
Image CAPTCHA