القائد الهمام للتحول الرقمي

 

 

 

تعلم المؤسسات أنها لكي تتحقق لها النجاة أمام الموجة الرقمية العاتية، فإنها تحتاج الآن - أكثر من أي وقت مضى - إلى قائد أعمال ماهر، قادر على معالجة عوامل مثل التعاون وتجاوز المخاطر ومواجهة التحديات، والأهم من ذلك أن يكون قادرًا على التكيف بشكل أسرع بكثير من بقية أفراد المؤسسة مع متطلبات ومعطيات التحول الرقمي.

ولا يحتاج ذلك لأن يكون هذا القائد خبيرًا في التقنية، ولكن يحتاج إلى أن يكون ذا فهم واعٍ  لعالم الأعمال من جانب وعالم التقنية من جانب آخر، وأن يكون على المستوى الاستراتيجي، قادرًا على التعرف على توجهات السوق، والعثور على استخدامات جديدة وممكنة لمنتجات المؤسسة من أجل إنشاء مصادر جديدة للإيرادات في البيئة الرقمية.

إن أمثال هذا القائد هم المبدعون الذين ينجحون في تحقيق التحول الرقمي لمؤسساتهم بسرعة وكفاءة، وينبغي - على قائد التحول الرقمي - أن يكون قادرًا على كشف الموظفين الناشرين للإحباط على مستوى المؤسسة والتخلص منهم، فهذا هو سر التحول الرقمي الناجح، ذلك أن البدء بقطع الاتصال بالمثبطين هو الطريق لتحقيق اتصال أفضل بالمجدين والمجتهدين.

فهؤلاء المثبطون يشكلون تهديدًا لكل مبادرة للتحول الرقمي تشرع المؤسسة في تنفيذها، ولا يظهرون أي تقدير للتدابير التي تتخذها، ويقفون حجر عثرة في طريقها، وينشرون الشائعات حول عدم جدواها، كما ينشرون الادعاءات بفشل مثل هذه التدابير في المؤسسات الأخرى. بينما يؤدي التخلص منهم إلى خلق بيئة إيجابية تجاه التحول الرقمي في المؤسسة، والاندفاع بحماس نحو تنفيذ ما يتطلبه من تدابير، ويدفع في نفس الوقت بالمتميزين والمبدعين - الذين كان المثبطون يحجبونهم - إلى الصفوف الأمامية. 

ويقع على عاتق قائد التحول الرقمي أن يقدم الإجابات عن استفسارات المتشككين من الموظفين، وخصوصا لماذا/ كيف يتم التحول الرقمي؟ فينبغي أن يقوم بإقناعهم بالحاجة إلى مزيد من التعاون، سواء داخليًا أو خارجيًا، ولكن عليه في نفس الوقت ألا يسمح بالمناقشات التي لا نهاية لها، بل عليه أن يتدخل بحسم بحيث يضع حدا لها، وإلا فسينتقل إلى مقاعد المتفرجين عليها، بل وربما يصبح بلا دور فعال في توجيهها والتحكم فيها.  

وينبغي على قائد التحول الرقمي - بمجرد تمهيد الطريق أمام المؤسسة للانطلاق نحو التحول الرقمي - أن يبدأ في التركيز على بناء قوة الابتكار للمؤسسة، حيث ينبغي على من يرغبون في النجاح في السوق الاعتماد على الإمكانات الإبداعية الذاتية، من خلال إعطاء موظفيهم الوقت والمساحة للحوارات العشوائية أثناء التجول أو تناول القهوة أو في جلسات العصف الذهني المخططة.

فموظفو المؤسسة هم فقط من يستطيعون الشعور باحتياجات العملاء الجديدة التي يمكن تلبيتها من خلال إبداعاتهم، فالإبداع ليس شيئًا غامضًا أو غير عادي، إنه يتعلق بالنظر إلى المفاهيم الحالية ولكن برؤى جديدة، فالجديد موجود على الدوام في باطن القديم، ولكن يحتاج فقط إلى منظور مختلف لإظهاره.

أ. د. جبريل بن حسن العريشي

عميد عمادة التطوير والجودة 

عضو مجلس الشورى السابق

0
قم بتقييم هذا المحتوى

إضافة تعليق جديد

التحقق البصري
This question is for testing whether or not you are a human visitor and to prevent automated spam submissions.
Image CAPTCHA