أن تأتي متأخراً خير من أن لا تأتي أبداً

 

 

سعدت وأنا أتصفح عدد الأسبوع الماضي من صحيفة رسالة الجامعة بإعلان كلية علوم الحاسب والمعلومات بالجامعة عن إطلاق حلة جديدة من البرامج الأكاديمية الحديثة والتي تتواءم من حاجة السوق الماسة لمثل هذه التخصاصات الجديدة والتي يزداد الطلب على المتخصصين فيها بشكل كبيريوماً بعد يوم.

من أبرز البرامج الحديثة التي تعتزم الكلية إطلاقها برنامج بكالوريوس تقنية المعلومات مسار الأمن السيبراني، وبرنامج ماجستير العلوم في الأمن السيبراني، والتي تأتي وإن كانت متأخرة لتسد بعض الاحتياج في تأهيل المتخصصين في مجال الأمن السيبراني من الكفاءات الوطنية الشابة، والتي نعاني نحن المتخصصين والعاملين في هذا المجال من ندرتهم وقلة المؤهلين من الخريجين في هذا المجال المتسارع والمتجدد بشكل مطرد.

وأنا ومن خلال هذا المقال أبارك للزملاء في إدارة الكلية هذه الخطوة المباركة وأشد على أيديهم في إطلاق هذه المبادرة المواكبة لاحتياجات سوق تقنية المعلومات والذي يعتبر سوقاً سريع التطور نتيجة التسارع في ظهور التقنيات الجديدة، والتي تظهر بشكل متسارع يومًا بعد يوم، كما أحب أن أساهم ببعض الأفكار والمبادرات والتي هي نتاج لخبرة ممتدة لمدة 18 عامًا في العمل في هذا المجال كمهندس ومسؤول مباشر عن إدارة وتشغيل منظومة الأمن السيبراني  بالجامعة.

وأبدأ على بركة الله لأقول إن تدريس ما يُعرف بعلم أمن المعلومات التطبيقي Applied Cybersecurity وهي مقررات تطبيقية تحتاج من الطالب للدخول للمعمل وقضاء وقت كافٍ في التدريب على الأنظمة التي يدرس عنها في المقررات الأكاديمة مثل أنظمة جدران الحماية Firewall وأنظمة منع الإختراق IPS وأنظمة المراقبة والتحليل SOC.

وهذه الأنظمة متوفرة كمصادر مفتوحة المصدر ولا تحتاج لاستثمار مبالغ كبيرة في إنشاء المعامل وتشغيلها، كما أن الاتجاة العالمي اليوم لاستخدام المعامل الافتراضية في تدريس هذه العلوم التطبيقية للطلاب، ومؤخرًا عقدت هيئة الأمن السيبراني ورشة عمل لمنسوبي البرامج الأكاديمية في الجامعات السعودية حول المعامل الافتراضية وكيفية الاستفادة منها في تدريس الطلاب والرفع من مهاراتهم العملية.

كذلك أتمنى من الكلية الانفتاح على الشركات العالمية والسماح لها ببناء معامل خاصة بأنظمتها داخل الكلية، لكي تتاح الفرصة للطلاب للعمل على هذه الأنظمة والتدرب عليها، مما يعطيهم ميزة تنافسية في سوق العمل عند تخرجهم، والشركات ترحب جداً بمثل هذه الشراكات وتسعى لتطويرها ودعمها بشكل كبير، وهذا ما لمسته من خلال اللقاءات المتكررة مع قيادات هذه الشركات في زياراتهم للجامعة أو مقابلتهم في المعارض والمؤتمرات العالمية.

سوق التوظيف في مجال أمن المعلومات يحتاج لكادر بشري قادر على التحليل والربط، وهذه مهارات تحتاج لصقلها والتدريب عليها من خلال مقررات اختيارية تقدم من أقسام أخرى داخل الجامعة أو برامج خارجية تقدم هذه المفاهيم وتعززها في ذهنية الطلاب.

الاكتفاء بالمقررات الأكاديمية غير كافٍ للحصول على خريج متميز تتسابق عليه الشركات وسوق العمل، والمطلوب هنا دمج المقررات الأكاديمة بالتدريب الاحترافي المقدم من المعاهد والشركات العالمية بحيث يتخرج الطالب بشهادة أكاديمية وشهادات احترافية في مجاله.

والشركات والمعاهد العالمية ترحب كثيراً بالتعاون مع الجامعات في هذا المسار وتقدم أسعاراً منافسة جداً مقارنةً بالأسعار المقدمة للشركات والمؤسسات الحكومية، ومن أشهر المعاهد ما يلي: معهد SANS، شركة ECCouncil، شركة CompTIA، شركة elearnsecurity، ويمكن هنا الاستفادة من الخبرات المتراكمة لدى مركز التميز لأمن المعلومات بالجامعة في عقد مثل هذه الدورات بالشراكة مع الشركات والمعاهد العالمية.

الحرص على أن تكون مشاريع تخرج الطلاب مشاريع نوعية وقابلة للدخول للسوق كمنتجات تقنية ابتكارية؛ يمكن أن تشكل نواة لشركة تقنية ناشئة، ويصبح الطلاب هم أرباب العمل بدل من أن يكونوا مجرد باحثين عن العمل، وهذا التوجه تدفع إليه بشدة الجامعات العالمية المرموقة مثل MIT وستانفورد، ويتوافق بشدة مع رؤية المملكة 2030.

أخيراً، كل الأمنيات للزملاء في كليه علوم الحاسب والمعلومات بالتوفيق والتميز، وتذكروا أن حجم الطلب في سوق العمل على خريجيكم هو المعيار الحقيقي لكفاءة البرامج التي تقدمونها وليس أي شيء آخر، ودمتم سالمين.

 

م. محمد بن علي الصرخي

مستشار الأمن السيبراني – عمادة التعاملات الإلكترونية والاتصالات

0
قم بتقييم هذا المحتوى

إضافة تعليق جديد

التحقق البصري
This question is for testing whether or not you are a human visitor and to prevent automated spam submissions.
Image CAPTCHA