بين المعهد والكلية كانت لنا أيام

 

 

 

مرت بنا أيام جميلة ومليئة بالذكريات، نحن الطلاب الوافدون، الذين نبدأ دراستنا في الجامعة بالالتحاق بمعهد اللغويات قبل الالتحاق بالكليات، لقد مرت بنا أيام كانت ثقيلة علينا، ولم نكن نميّز فيها بين اليأس والرجاء، والأمل والخَيبة، والتوفيق والإخفاق، إذ كانت كل تلك المعاني متساوية، أو بعبارة أدقّ، متقاربة في نظرنا واعتقادنا!

 

فلله درّ شيخ المعرة «أبو العلاء المعري»، إذ قال:

غير مُجد في ملتي واعتقادي

نَــوْحُ باكٍ ولا ترنّم شادٍ

 

أقسى الأيام التي مرت بنا كانت في فترة الانتقال من المعهد إلى الكلية، إذ كانت الشمس تشرُق في تلك الأيام وتغرب على غفلة منا، تعلّمنا في تلك الأيام أن الذي يعرف الليل من النهار والشروق من الغروب هو ذلك الإنسان الذي ساعده الحظ، واشتعلت نار بَخْته، وطلع سعدُه.

كنا خلال تلك الأيام متخرجين من المعهد ولم نلتحق بالكلية، على الرغم من أننا بدأنا إجراءات الكلية ونحن في المستوى الأخير من المعهد، فبينما نحن فيها إذ اعترضتنا مشكلة سماؤها كأرضها وأرضها كسمائها، فحاولنا أن نقهرها ونذلّلها ونمسك عنانها إلا أنها أبت وقلبت علينا ظهْرَ المِجن، فكانت هي التي قهرتْنا وذلّلتْنا وأمسكت بناصيتنا، فباءت محاولاتنا كلها بالفشل، تأفّفنا من مرارة الحياة، إلى أن كتبتُ يومًا:

 

لَـلْموتُ خيرٌ من حياةٍ بائسه

أيامها بالهمّ صارت ناحسه

 

أيام فعلت بنا أفاعيلها، التي لا يسع المقام لذكر جميعها، ولكن شاء الله بعد كل ما مر بنا أن يجعل لنا مخرجا بعد الضيق، وفرجا بعد الشدة، ويُسرا بعد العسر، فحُلّت المشكلة، واضمحلّت سحائبُها، فلا يسعنا إلا الحمد والشكر، «اللهم لك الحمد حتى ترضى، ولك الحمد إذا رضيت، ولك الحمد بعد الرضا». 

وبهذه المناسبة، نرفع أسمى وأرق عبارات الشكر والعرفان لمعهد اللغويات العربية بجامعة الملك سعود، وعميده ووكيله، وكذلك إلى رئيس قسم اللغة والثقافة الدكتور إبراهيم الدبيان، وإلى جميع منسوبي المعهد.

وإرى من الواجب علي في هذا المقام، ذكر بعض من كان لهم دور بارز وجهد كبير وسعي حثيث في هذا الأمر كالدكتور سعد بن علي الغامدي أجزل الله ثوابه في الدارين، ومحمد بن عبدالعزيز آل تويم، وكذلك لا ننسى أخانا الفاضل فهد العمر طيّب السريرة، كثير البشاشة، في عمادة القبول والتسجيل، الذي كان يواسينا دائمًا بكلماته الرائعة، ويجعلنا متفائلين رغم كل الهموم التي غامت علينا سماؤها، فلم يقلّ فرحه وسروره عن سرورنا يوم حُلّت المشكلة فشكر اللهُ له ووفقه وسدّد خطاه، وكلّ من شاطرنا وتعاطف معنا، وهمّ بأمرنا، وحزن لحزننا في هذا الأمر من الأساتذة الذين كانت لهم نية صالحة، والأصدقاء من قريب أو بعيد.

وأخيرا سامحوني إن كانت الكلمات عاجزة عن وصف شعوري! وقد أحسن الشاعر في هذا، إذ قال:

لي لسان كأنه لي مُعادي

ليس يُنبي عن كُنهِ ما في فؤادي!

 

كوليبالي عبدالله 

كوت ديفوار «ساحل العاج»

من خريجي المعهد قسم اللغة والثقافة

0
قم بتقييم هذا المحتوى

إضافة تعليق جديد

التحقق البصري
This question is for testing whether or not you are a human visitor and to prevent automated spam submissions.
Image CAPTCHA