إذا أردت أن تغير العالم فابدأ بترتيب سريرك...!!

بدأ العام الدراسي الجديد، وعرف كل طالب جدوله الدراسي ومواده الأكاديمية وقاعاته الدراسية، التي سوف يلازمها ويقضي فيها معظم أوقاته في الجامعة. إن معرفة الجدول الدراسي والمواد الأكاديمية والقاعات الدراسية ليست كافية؛ لتحقيق النجاح إذا لم يرافقها انضباط ذاتي وجودة أكاديمية تضمن تحقق النجاح المطلوب والتفوق الدراسي المرغوب.

ويعرّف الانضباط الذاتي بأنه مجموعة من القواعد والمبادئ السلوكية التي تسعى للمحافظة على النظام العام وفق تعليمات وسلوكيات محددة سلفا، حسب طبيعة هذا الانضباط ومصدره وأهدافه. وتتعدد أنواع الانضباط الذي قد يكون شخصيا نابعا من ذات الإنسان تحكمه مبادئه وأخلاقياته وسلوكياته التي فرضتها بيئته وطبيعة تربيته، وقد يكون الانضباط مؤسسياً ومجتمعياً يتبع نظاماً معيناً، أو مجتمعاً معيناً، أو كيانا معيناً، أو بلدا معينا، ويقع هذا الانضباط تحت سطوة الأوامر والتعليمات التي تضمن المحافظة على النظام وعدم الخروج عن النص.

ونعني عند الحديث عن الجودة الأكاديمية الوصول إلى أعلى درجات الكمال والإتقان في العمل والأداء، إذ ترتكز معاييرها ودرجاتها على مستوى الانضباط الذاتي، فكلما كان مستوى الانضباط مرتفعاً كلما كانت الجودة في أعلى مستوياتها ودرجاتها وأهدافها.

يعتمد النجاح الأكاديمي في الجامعة كثيراً على مدى التزام الطالب وانضباطه الذاتي، فالجيوش لا تنتصر في معاركها، إلا إذا كان مستوى الانضباط بين جنودها مرتفعا جداً، حيث تضمن الجيوش تنفيذ الجنود للأوامر والتزامهم بالتعليمات، وولائهم للعقيدة العسكرية التي يؤمنون بها ويوالونها. وكذلك الطالب الجامعي، إذ يعتمد نجاحه في حياته الأكاديمية بشكل رئيس، على مدى انضباطه والتزامه ووفائه بمتطلبات التفوق والنجاح، ويضمن الانضباط للطالب ارتفاع الجودة الأكاديمية وامتلاك أدوات التفوق، بحيث تجعله في مستوى المنافسة مع زملائه من حيث الإنجاز والإعجاز.

يبدأ الانضباط الذاتي من الأمور التي قد يراها الطالب صغيرة أو ليست ذات شأن، مثل الانضباط في مواعيد النوم والاستيقاظ، والانضباط في مواعيد الخروج والعودة إلى المنزل بدلا من الجلسة مع الزملاء والأصدقاء، والانضباط في حضور المناسبات الاجتماعية، والانضباط في القراءة الدورية الروتينية المتعلقة بالالتزامات الدراسية والمتطلبات الأكاديمية. إن عدم الاكتراث لهذه التفاصيل الحياتية البسيطة، يؤدي إلى وجود فوضى في الروتين اليومي المتعلق بالدراسة، هذه الفوضى تقود في النهاية إلى خلل في الجودة الأكاديمية التي تؤثر مع مرور الوقت على أداء الطالب وتحصيله العلمي.

يقول الأدميرال الأمريكي «وليام ماكرافن» في كلمة ألقاها في حفل تخرج في جامعة تكساس: «إذا أردت أن تغير العالم فابدأ بترتيب سريرك. إذا قمت بترتيب سريرك كل صباح فهذا يعني أنك قد أنجزت أول مهمة لك في اليوم، وهذا سوف يشعرك بالفخر ويحفزك للقيام بمهام أخرى. إن ترتيب سريرك سوف يعزز من حقيقة أن الأشياء الصغيرة في الحياة مهمة، فإذا لم تستطع القيام بالأشياء الصغيرة بشكل صحيح، فلن تستطيع القيام بالأشياء العظيمة بشكل صحيح. وتذكر أنه إذا كان يومك تعيساً ومحبطاً فستعود للمنزل لتجد السرير الذي قمت بترتيبه جاهزاً لمواساتك، وسوف يخبرك ذلك السرير أن غداً سوف يكون يوماً أفضل».

وتذكر عزيزي الطالب أن الانضباط عادة ما يرافقه الضجر والملل بسبب الروتين اليومي المستمر، والحل لا يكون بالاستسلام لهذه المشاعر؛ لأنها ستقودك في النهاية إلى الفشل في تحقيق أحلامك وأهدافك ونجاحاتك، بل يلزمك أولاً مقاومة هذا الشعور والالتزام بمستوى الانضباط الذاتي والأكاديمي، وثانياً خلق مساحة من الترفيه وإدراجها ضمن هذا الروتين اليومي؛ لتكون متنفسًا يساعدك على الاستمرار في مستوى الانضباط الذاتي والجودة الأكاديمية، على ألا تكون مساحة الترفيه مرنة ومطّاطة ليس لها ضابط. واحذر من المجاملات الاجتماعية التي تفتك بالانضباط وتقلل من العطاء وتؤثر على الجودة الأكاديمية، فالمجاملات الاجتماعية مع مرور الوقت تصبح إدماناً يصعب التخلص منه.

 

 

د. خليل اليحيا

كلية الطب

0
قم بتقييم هذا المحتوى

إضافة تعليق جديد

التحقق البصري
This question is for testing whether or not you are a human visitor and to prevent automated spam submissions.
Image CAPTCHA