مناهج «بحثية» خارج الخدمة

 

من المفارقات المؤلمة أن تجد شبه اتّفاق على مجموعة من المناهج البحثية، ومع كثرة المراجع التي تُشير إلى تلك المناهج تجعل من يقرؤها يعتقد أنها مناهج حقيقية. إلا أن الواقع العلمي يجعل هذه المناهج خارج الخدمة -أي لا قيمة لها عند تطبيق المنهجية العلمية-. ولسنا هنا مع إتباع مقولة: «خطأ شائع خير من صحيح مهجور».

هذه المناهج هي: المنهج الوصفي، والمنهج التحليلي، والمنهج المقارن، والمنهج الوصفي التحليلي، والمنهج التحليلي الوصفي ...إلخ من التسميات التي يُمكن تركيبها.

السؤال الذي يتبادر إلى الذهن، ما تعريف المنهج؟ الجواب في ثلاث كلمات بسيطة وسهلة -بحسب تعريفه-: هو آلية سحب البيانات. فكل منهج لا بد من أن يرسم لنا الطريق لآلية الحصول على البيانات. فالمنهج المسحي تكون الآلية عن طريق الاستبيان، والمنهج التجريبي عن طريق القياس الآني، ومنهج دراسة الحالة عن طريق المقابلة المتعمقة، ومنهج الجماعات المستهدفة «البؤرية» عن طريق المقابلة الجماعية، ومنهج تحليل المضمون عن طريق تحليل وحدات المنهج سواء أكان ذلك نظما أم لوائحا أم مادة مسجلة ....إلخ، والمنهج الحقلي عن طريق الحصول على البيانات من معايشة المجتمع وتدوين جميع ما تتم مُلاحظته.

ويحق لنا أن نطرح التساؤل الآتي (المسألة الأولى): هل للمناهج الوصفية أو التحليلية أو المقارنة آليات لسحب البيانات؟ الجواب: لا . فكثير من الأطروحات العلمية التي أشرف عليها وناقشها مجموعة من الأساتذة لا ينكرون تلك المناهج، بل يأخذون بها بقوة وكأنها مناهج حقيقية.

«المسألة الثانية»: إن الوصف وظيفة أساسية في جميع المناهج، وهذا يعني أنه مع هذه الخاصية لا يمكن أن ينفرد بمنهج بذاته.

«المسألة الثالثة»: إن التحليل أيضا وظيفة أساسية في جميع المناهج، وهذا يعني أنه مع هذه الخاصية لا يمكن أن ينفرد بمنهج بذاته.

«المسألة الرابعة»: إن المقارنة أصلا تتم في جميع المناهج، فأي بحث يقوم على مقارنة مفردات فيما بينها، أو مجموعات، أو مجتمعات، وهذا يعني أنه مع هذه الخاصية لا يمكن أن ينفرد بمنهج بذاته.

والواقع أن هذا اللبس هو نتيجة للترجمات من الإنجليزية إلى العربية، خاصة فيما يتعلق بالقياسات الإحصائية. فمن المعروف أن القياس الإحصائي يقوم على:

المنهج الوصفي: وأعتقد أنه جاء من ترجمة مصطلح «DAESCRIPTIVE STATISTICS».

المنهج التحليلي: وأعتقد أنه جاء من ترجمة المصطلح   «ANALYTICAL STATISTICS».

وأعتقد -مما سبق- أنه قد حان الوقت للتوقف عن استخدام المناهج خارج الخدمة في الرسائل الجامعية .

أ.د. سعود بن ضحيان الضحيان

أستاذ المناهج والقياس بكلية العلوم الإنسانية والاجتماعية

0
قم بتقييم هذا المحتوى

إضافة تعليق جديد

التحقق البصري
This question is for testing whether or not you are a human visitor and to prevent automated spam submissions.
Image CAPTCHA