جدلية العلاقة بين التعليم والتقنية

 

 

صارت التقنية جزءا أساسيا في حياتنا، بل صارت هي التي تصنع حياتنا وتعيد تشكيلها، في مختلف الجوانب المعيشية: الاجتماعية والثقافية والتعليمية والصحية والمهنية والاقتصادية... وما من جانب في حياتنا إلا وقد أسهمت التقنية اليوم في إعادة تشكيله.

لذلك، فالتحدي أمام أعضاء هيئة التدريس، هو إلى أي مدى يمكنهم تطوير المقررات الدراسية والعملية التعليمية وفقا للمتغيرات التقنية؟ وهل يكفي الدعوة إلى الاستفادة من التقنية واستخدامها في التدريس؟ أو أننا بحاجة إلى إعادة هيكلية للعملية التعليمية برمتها، بناء على التأثير العميق للتقنية في الجانب التعليمي..

هناك تحولات كبرى في العملية التعليمية جراء التطورات التقنية المتلاحقة، ولذلك فمنذ سنوات صار العالم يتوجه بازدياد إلى التعلم القائم على التقنية بشكل شامل، بدءا من المقرر الرقمي وانتهاء بالجامعة الرقمية الإلكترونية. وهناك مقررات وتخصصات أزيحت تماما إلى الجانب الرقمي. وكل هذا يفرض على المعلم والطالب والجامعة تحديات عديدة، تحتم عليهم مواكبة تسارع التطورات التقنية؛ حتى تستمر العملية التعليمية دون أن تتأخر، وحتى تحقق أهدافها المنوطة بها في تحديث المجتمع. 

تكمن إشكالية العلاقة بين التعليم والتقنية أن التعليم كما أنه يتأثر بالتقنية فإنه في الوقت نفسه هو صانع التقنية، وهو الذي يسهم في ابتكارها وفي تطويرها، من خلال الأبحاث العلمية التي يقوم بها الأكاديميون في العالم، لذلك فالعلاقة تبادلية، تجعل المجتمع يتطلع إلى المؤسسات التعليمية لتساعده على صعود قطار التقنية، والأخذ بيده حتى يكون قادرا على التكيف معها. 

يعد التفاعل من أهم آثار التقنية، ذلك أن التفاعل بين الأطراف أسهم في تحويل الأطراف كلها إلى أطراف فاعلة، وليس مجرد طرف فاعل وآخر منفعل.. وعلى سبيل المثال، حين يكتب الكاتب مقالا وينشره في الصحافة الرقمية، فإن المتلقي يدخل في حوار مع الكاتب، بما يجعله مشاركا له في الكتابة وطرح الأفكار وتداولها وتقييمها، ويأتي متلقون آخرون ليسهموا في هذا النقاش.. وكذلك العملية التعليمية، لم يعد الأستاذ وحده الفاعل، بل الطالب أصبح فاعلا معطيا، ولا يقتصر دوره على التلقي. وهذا التفاعل يسهم في فتح الخيارات العديدة أمام الطلبة، وتحفيزهم للتعلم، والانتقال من التعلم إلى التطبيق والممارسة.

إذن، من المهم أن ننظر للتقنية نظرة إيجابية، ونلتحم بها أثناء العملية التعليمية، بما يجعلها قادرة على تحقيق الأهداف والتوقعات، وتحفيز الطلبة، ورفع مستوى الأداء. 

د. عادل المكينزي

قسم الإعلام

makinzyadel@ksu.edu.sa

0
قم بتقييم هذا المحتوى

إضافة تعليق جديد

التحقق البصري
This question is for testing whether or not you are a human visitor and to prevent automated spam submissions.
Image CAPTCHA