تقنية تحرير الجينات لاستنبات الأعضاء البشرية الواقع والمأمول

 

يعد فشل الأعضاء الحيوية في جسم الانسان مثل الفشل الكبدي والكلوي من المعضلات الصحية العالمية، فمعظم المرضى المصابون بالفشل العضوي يموتون على قائمة انتظار العمليات الجراحية لنقل الأعضاء. لذا تعد زراعة الأعضاء حلا واعد لهذه المعضلة الصحية.   والأعضاء التي يمكن زراعتها هي القلب والكلى والكبد والرئتين والبنكرياس والأمعاء والغدة الزعترية، وكذلك الأنسجة مثل العظام والأوتار والقرنية والجلد وصمامات القلب والأوردة. وتعد عمليات زراعة العضلات والعظام والكلى الأكثر نجاحا وانتشارا حيث يتم   نقل أعضاء من المتبرعين الأحياء أو المتوفين دماغيًا أو بأزمات قلبية. ويمكن حفظ الأعضاء والأنسجة وتخزينها لفترات طويلة في بنك الأعضاء. وتكمن مشكلة زراعة الأعضاء في رفض الجسم للعضو المزروع نتيجة الاستجابة المناعية للعضو المزروع، مما قد يؤدي إلى فشل عملية زراعته في الجسم. ويمكن التغلب على رفض الجسم للعضو المزروع بالفحص المخبري لتحديد المستقبل الأمثل لكل متبرع، بالإضافة إلى استخدام الأدوية المثبطة للجهاز المناعي.  ويعاني العالم أجمع من نقصان الأعضاء البشرية التي يمكن استخدامها في عمليات زراعة الأعضاء، ويوجد حاجة ملحة لتوفير الأعضاء البشرية، لذا تُجرى حاليًا العديد من الأبحاث المكثفة في مجال زراعة الأعضاء، لاستنبات الأعضاء البشرية في الحيوانات المعدَّلة وراثيًا Xenotransplantation  “، كما تعمل أبحاث  الطب التجديدي والهندسة الوراثية على إعادة تكوين أعضاء من الخلايا الخاصة بالمريض نفسه باستخدام الخلايا الجذعية أو الخلايا المستخلصة من الأعضاء المعتلة. وتوجد العديد المحاولات الإكلينيكية التي أسفرت عن نتائج واعدة في مجال استنبات الخلايا والأنسجة والأعضاء البشرية، مثل استخدام جزر لانجرهانز المستخرجة من الخنزير لعلاج مرض السكري من النوع الأول، وكذلك القلب والكلى وغيرها من الأعضاء.

وتعد تقنية تحرير الجينات “Gene Editing Technology” فرصة واعدة لإنتاج العلاجات الجزيئية والخلوية واستنبات أعضاء جسم الانسان في الحيوانات المعدلة وراثيا عوضا عن الأعضاء البشرية لعلاج الفشل الكلوي والكبدي والقلبي والرئوي وغيرها. وتعتمد تقنيات تقنية تحرير الجينات على تقنيات الإسكات الجيني في العلاج “Gene knockdown” التي تعتمد على تقنية “RNAi “و غيرها من تقنيات الإسكات الجيني في العلاج مثل “ZFN”، TALENs، CRISPR/Cas9” التي تعتمد علي “” Gene knockout  . وباستخدام   تقنية تحرير الجينات يمكن إدخال الجينات أو حذفها أو تعديلها أو يتم استبدالها في جينوم الكائن الحي في مكان محدد في المادة الوراثية. لذا تعد تقنية تحرير الجينات علاجات مشجعة لتشخيص وعلاج الأمراض النادرة، وفي المستقبل القريب قد تكون تقنية تحرير الجينات بديلا للعلاجات التقليدية الحالية.  كما أن هذه التقنيات واعدة لإنتاج الخلايا والأنسجة والحيوانات المعدلة وراثيا كحل لنقص الأعضاء البشرية وتقليل من معدل وفيات المرضى الذين هم على قائمة الانتظار لعمليات زرع الأعضاء.  فقد تم تعديل قلب الخنزير وراثيا ليتوافق مع البشر، وتم نقله الي مريض بفشل القلب وتمكن من الحياة لمدة شهرين، ولا تزال المحاولات مستمرة في هذا المجال. ويعد التطور السريع حلا تقنية تحرير الجينات واعدا لعلاج الفشل العضوي وسرعة اجراء عمليات زراعة الأعضاء.  وبالرغم من نجاح تقنية تحرير الجينات في انتاج الحيوانات المعدلة وراثيًا كمصدر للأعضاء البشرية، الا انها لا زالت في المراحل المبكرة ولا تزال عليها قيود أخلاقية وأمور تتعلق بالسلامة البيولوجية، وفي القريب سيتم حلها وترجمتها إلى تطبيقات سريرية.

د. جمال الدين هريسه

استاذ الكيمياء الحيوية والبيولوجيا الجزيئية

كلية الصيدلة

0
قم بتقييم هذا المحتوى

إضافة تعليق جديد

التحقق البصري
This question is for testing whether or not you are a human visitor and to prevent automated spam submissions.
Image CAPTCHA