الإجابات الخارجة عن المألوف.. هروب من الواقع أم استعطاف للمصحح؟

يمارسها بعض الطلاب حتى في الاختبارات النهائية

   

 

 

 

تحقيق: محمد باكرمان

 

 

البقمي: مهملون ولم يقدموا ما يشفع لهم ويريدون النجاح واجتياز المقرر بأي طريقة كانت!

 

الجميعة: مشتتات ذهنية وسلوكيات خاطئة تبدأ بنقطة أو بكلمة وتنتهي بدائرة كبيرة من الفشل

 

العبدالقادر: التعامل بالدرجات هو أنسب الحلول و«صفر» بانتظار من يستخدم هذا الأسلوب

 

القحطاني: السبب ضياع هيبة الاختبارات وهناك آثار سلبية لمثل هذه السلوكيات الفوضوية 

 

 

 

بعد مضي فصل دراسي كامل وبذل جهد كبير في المذاكرة والاستعداد للاختبارات النهائية، وبعد الاستيقاظ المبكر وزحمة الطرقات كل صباح، والحضور إلى القاعات الدراسية لأداء اختبارات نهاية العام الدراسي، فإن بعض الطلاب تصيبه أثناء أداء الاختبار حالة من الاستهتار واللامبالاة، ويقدم إجابات خارجة عن المألوف ولا تمت للمنهج أو المادة العلمية بصلة، تتنوع بين كتابة خواطر وأشعار، أو رسومات على الورقة، أو استعطاف لمصحح الامتحان، فما الأسباب التي تدعو لفعل هذه التصرفات؟ وما آثارها السلبية على الطالب وعلى المنظومة التعليمية ككل؟ وهل لها آثار على المجتمع؟ كيف يواجه أستاذ المقرر مثل هذه التصرفات المستنكرة؟ وماذا عن الجانب التربوي والنفسي؟ جميع هذه الأسئلة سنحاول الكشف عنها خلال هذا التحقيق..

 

مهملون

الطالب فهد محمد البقمي مستوى ثامن يقول: مررت بالعديد من الطلبة الذين يكتبون خواطر وذكريات وهم في الأساس مهملون ولم يقدموا ما يشفع لهم خلال أعمال السنة ويريدون النجاح واجتياز المقرر بأي طريقة كانت.

وذكر أن من أسباب هذا السلوك عدم استذكار المادة العلمية أو وجود ظرف طارئ يجعل الفرد لا يذاكر بشكل مطلوب، فيلجأ لاستعطاف الأستاذ عبر ورقة الإجابة، مضيفاً أن الخوف وضعف الجرأة يمنعان الطالب من القدوم لمكتب الأستاذ وتبرير الفعل الذي قام به، فيبدأ بكتابة الأعذار على الورقة بعيداً عن أعين المعلم لكي لا تكون ردة الفعل رادعة وقاسية تجاهه.

 

ضعف الدافع

وفسر الطالب عبدالعزيز الجميعة مستوى أول، هذه التصرفات بأنها أشبه بكومة كبيرة من المشتتات الذهنية والسلوكيات الخاطئة التي تحيط بالطالب، تبدأ بنقطة وتنتهي بدائرة كبيرة من الفشل لا يمكن النجاة منها بسهولة. وأضاف: من أسبابها فقدان الأمل بالله تعالى وفقدان التوازن في الحياة، فلا يوازن بين وقت الجد والاجتهاد ووقت اللعب واللهو، وأشار لضعف الدافع المعنوي نتيجة الأسلوب الخاطئ الذي يتلقاه منذ الصغر.

 

جانب تربوي

من جانبه يرى فيصل العبدالقادر، عضو هيئة التدريس بعلم النفس التربوي، أن السبب الرئيسي في هذه السلوكيات يتلخص في انخفاض مستوى الدافعية للتخصص لدى الطالب، فلا يذاكر ولا يستعد للاختبار، وقدومه للجامعة من الممكن أن يكون نتيجة لضغوط نفسية من العائلة، فتجده يكتب «معروض» يحاول من خلاله أن يستغل الجانب العاطفي للأستاذ.

وأضاف: عندما يصادف أستاذ المقرر هكذا تصرفات يبدأ يتعامل بالدرجات، فإذا لم يُجب الطالب على بنود الأسئلة يأخذ «صفر»، والطالب الذي يستخدم هذا الأسلوب غالباً ما يكون معدله التراكمي منخفضاً؛ علاوةً على أنه لاريكمل مسيرته الجامعية غالباً نظير تعرضه لعدد من الإنذارات المتكررة التي تؤدي في النهاية لفصله من الجامعة.

 

أنظمة مجتمعية

وأوضح المعلم والمستشار التربوي أ. فيصل القحطاني أن أول محطة لسلوك الطالب المتربي هي «نواة الأسرة»، فما يبث ويزرع من قيم تربوية في أبنائنا هو أن يكونوا صالحين في ذواتهم ومصلحين في مجتمعاتهم، وينبغي أن يروا قدوات حسنة أمام أعينهم، متمثلة بالأب والأم والأستاذ باحترام خصوصية الإمتحان وتقديره وعقد حوارات مع الأبناء بكيفية ضبط النفس والجدية وباتباع مجموعة من الأنظمة المجتمعية لينال بذلك الأجر والتميز.

 

ضياع هيبة الامتحانات

وأكد القحطاني أن ذلك ناتج في جانب منه لضياع هيبة الاختبارات، فسابقاً كان هناك رهبة واستعداد مبكر واهتمام من المعلمين ليعيش الطالب أجواء الاختبارات القبلية بفترة تصل إلى شهر لكي يحترم المقرر العلمي ويؤدي أداء عملياً على أكمل وجه ويخرج بمخرجات ودرجات  جيدة، أما اليوم فالأسر لم تعد تعطي قيمة لأجواء الامتحانات، والانفتاح الثقافي والإعلامي جعل الطالب ينشغل بوسائل التواصل ولا يستشعر قيمة ومسوؤلية ماسيواجهه في ليلة الامتحان، وكثير من الطلاب يعتقدون أن اجتياز المادة والنجاح ممكن ومتيسر لدى المعلمين والأكادميين بسهولة لغرض التخلص!

 

سلوكيات سلبية

وأضاف القحطاني أنه يصادف مثل هذه السلوكيات السلبية والعبارات المحرجة كل فصل دراسي، كونه معلماً مثل «تكفى يا ستاذ- يالبى قلبك – شيخ القبيلة - فديت عيونك»، مشيراً إلى أن هناك آثاراً سلبية متمثلة بالفوضوية سيكون مردودها سلبياً في حياة الفرد الخاصة والمجتمعية، فإذا أصبح بعد ذلك رب أسرة ولديه أبناء فسيتأثر به الآخرون بشكل سلبي وإذا تولى وظيفة أو منصباً فسيكون إنتاجه بلا جودة لا لنفسه ولا لمنظومته التعليمية.

 

 

احترام متبادل

وطالب القحطاني طرفي المعادلة «الأستاذ والطالب» بالإيجابية واحترام المقرر، فعلى الأستاذ أن يراقب الجانب القيمي للطالب وأن يكثر من توجيه الطلاب لاحترام المنظومة التعليمية، فلابد أن ينزل الأستاذ الأكاديمي لمستوى الطلاب ويخاطبهم بأدب مع بقاء خيط التقدير والاحترام فيما بينهم، فيطرح قضايا ويطلب من الطلبة إيجاد مظاهر وأسباب كيفية علاج المشكلة وأن يخصص محاضرات بتقديم حلول لرئيس القسم وعميد الكلية، فالمبادرة في مثل هذه النشاطات مهمة وأساسية.

 

الجانب النفسي

يقول كمال خلف أخصائي نفسي بوحدة الخدمة النفسية إن الإجابات المستنكرة تكمن في اتجاهين: الأول يتحدث في تقدير الذات فيبدأ بكتابة «تكفى يازدكتور - أنا خريج»، وهذه العبارات تتعلق بتقدير الذات أو أنه يفضل الهروب من الإجابة وعدم تحمل المسوؤلية، فيكتب الأشعار ويكرر كتابة الأسئلة بشكل آخر.

الثاني الاستهتار واللامبالاة، وكلاهما يؤدي لخلق فجوة في تفكير الطالب، فيعتقد أنه يستحق الدرجة الكاملة عوضاً عن المجهود المبذول سواء كانت الإجابة صحيحة أم خاطئة. وأضاف بقوله: لقد طلبت من مجموعة من الطلبة تقديم تقرير عن الاكتئاب وجميعهم قد سلموه لي ولديهم أفكار بأنهم يستحقون العلامة الكاملة، وهذه تسمى بعلم النفس «بالاستحقاقية».

****************

بووووكس

 

توصيات ومقترحات

في ختام هذا التحقيق أجمع عدد من المشاركين على أن هناك إجراءات وتوصيات يجب الالتزام بها من جميع الأطراف ذات العلاقة؛ تشمل التخطيط لطريقة المذاكرة ووضع جدول لفترة الاختبارات، وتخصيص وقت كافٍ ومكان مناسب للمذاكرة بعيداً عن الملهيات، إضافة لأهمية أخذ الكفاية من النوم.

واقترح أ. القحطاني أن تبدأ المنظومات التعليمية بحملات توعوية إعلامية لاحترام أجواء الاختبارات والمراجعة المستمرة للمقررات وتكثيف النشاطات اللاصفية للطلاب، وشدد على الطلاب بأهمية الابتعاد عن هذه السلوكيات والأساتذة بتوزيع ورقة تشمل وصف المقرر وتوزيع الدرجات وتحديد موعد الاختبارات والأنشطة الأخرى.

0
قم بتقييم هذا المحتوى

إضافة تعليق جديد

التحقق البصري
This question is for testing whether or not you are a human visitor and to prevent automated spam submissions.
Image CAPTCHA