سين وجيم
لو أن أحداً سألك: هل أنت راضٍ عن نفسك؟ بكل بساطة ستقول: نعم، أنا راضٍ عن نفسي كل الرضا.
ولو سألك: هل تعرف نفسك؟ ستقول مباشرة: نعم، أعرف نفسي جيداً. إنها نفسي! كيف لا أعرفها! لكن في أعماق نفسك، أنت في الحقيقة لست راضياً عن نفسك كل الرضا، كذلك أنت لا تعرف نفسك تمام المعرفة.
إذا كنا نعتقد أننا راضون عن أنفسنا يعني هذا أننا نعرف أنفسنا، ومعنى أننا نعرف أنفسنا يعني هذا أننا راضون عن أنفسنا، لكن في الواقع ما هذه إلا أحلام، مجرد أوهام، إنها أساليب ابتدعناها «نعم أنا أعرف نفسي»! إنها خدعة معكوسة كي نهدر طاقتنا هباءً فنهرب من واقعنا.
أعرف شخصاً كنا نظنه ملاكاً بل هو أيضاً كان يظن نفسه ملاكاً في الطيبة وحسن الخلق، راضياً عن نفسه، لا يؤذي أحداً، ولا يرغب أحد بإيذائه، إذ كيف يمكن أن يؤذيه أحد وهو مسالم تحرسه الملائكة، كما يقولون، لحسن خلقه، هذا مستحيل، وإن أحسست بأن الإنسان المسالم يتعرض للأذى فهذا سوء فهم منك، كن على ثقة بأنه في نعيم لحسن خلقه، فحسب ما كلنا نعتقد؛ أن لكل فعل نتيجة، بمعنى؛ الفعل ونتيجته متلازمان.
لكن من كنا نظنه ملاكاً، سرعان ما أكل «خازوقاً»، بعد أن كان فقيراً رزق بالمال، وبالمنصب، فتكبر وتجبر، فانكشف معدنه.
للإجابة عن السؤال أعلاه، تذكر كلمتين: الأولى النضج والثانية الوعي، فالوعي ليس نضجاً، والنضج ليس وعياً، لكل منهما شأن، لكنهما إذا اتحدا مع بعضهما أوصلاك إلى الرضا ومنه إلى السعادة.
النضج يكبر مع النفس والوعي يكبر بالمعرفة، ومن خلال المساواة بين درجة الرضا والمعرفة، وبين النضج والوعي، ستصبح متصالحاً مع نفسك وراضيا ومتناغماً مع الوجود، يسندك وعي راقٍ ويتملكك تواضعٍ معرفي، وفي هذه الحال تستطيع أن تجيب بثقة: نعم أنا راضٍ عن نفسي كل الرضا، وأعرف نفسي جيداً.