الأولوية لهذه القضايا يا وزير التعليم
أبارك لمعالي وزير التعليم الدكتور حمد بن محمد آل الشيخ منصبه الجديد في الوزارة، خصوصًا وأنه كان أستاذًا وإداريًا فاعلاً في جامعتنا، ولا أشك أن لدى معاليه سابق معرفة بالوزارة، وهذا يختصر الكثير مما يمكن إبرازه هنا حتى ولو باختصار، إنما ما يهمني في هذه العجالة هو التعليم العالي.
التعليم العالي يا معالي الوزير، يتطلب دعمًا، وبكل أوجه الدعم الممكنة، سواء في ظل نظامها الحالي أم أي نظام مستقبلي، لكن لعلي أختصر فأحدد أهم مجالات الدعم، وهي الجودة، والبحث العلمي، والكادر البشري، والتعليم.
وهناك نقاط أو قضايا محددة في هذه المجالات وأرى أنها تأخذ الأولية، أولاً الجودة، فالجودة لا تعني مجرد تطبيق آلية معينة دون مخرج حقيقي ناتج، خصوصًا وأن الآليات قد تكون أتقن ما يمكن شكلاً.
فقد نملأ مجلدات من الأوراق، ولكن النتيجة المرجوة التي يجب أن تنعكس تطويرًا على المخرجات ليس لها أثر ملموس، وعليه فإن كان في الكلية أو القسم لجنة معنية بضبط الجودة فإنه لابد أن يكون لها صلاحيات لتحقيق ضبط الجودة.
وكلمة ضبط الجودة هنا هو المقصود حرفيًا، والضبط هنا معلومة خصائصه ومتطلباته، ولا حاجة لمزيد شرح، ولهذا لابد أن تجري الوزارة تقييمًا وتقويمًا لهذه العملية بكاملها.
ثانيًا البحث العلمي، كلنا نعلم الكثير ونعلم أوجه النقص، لكني هنا أفضل طرح بعض الأسئلة: هل يمكن الإيمان عمليا بتجارب الدول المتقدمة والدول النامية التي تؤمن قولاً وفعلاً بأنه لا تنمية دون دعم كافٍ للبحث العلمي؟ هل حضور المؤتمرات التخصصية العالمية يعد ترفًا، أم أنه من بدهيات التطوير البحثي الذاتي؟ هل الآليات المكبلة للبحث العلمي ستستمر دون مراجعة جادة؟ هل يرى الأستاذ الجامعي أنه معني بعمل بحوث أصلاً؟ هل فعلاً أن البحوث ليس لها غرض إلا النشر، أم أنها تصب في خدمة التنمية والمعرفة؟ هل النشر العالمي هو الهدف، أم تسويقها للمجتمع المحلي أولاً للاستفادة منها؟ وهل الجهات التي يفترض أن تستفيد من البحوث ملزمة بالرجوع للجامعات؟ هل يوجد آليات تواصل جادة بين الجامعات والمجتمع حول الاستفادة من البحوث؟!
ثالثًا الكادر البشري، وهذا يشمل فرص التدريب والترقية والدعم -قبل المحاسبة- وخصوصًا تأهيل القيادات والكادر البشري الداعم للإدارة من موظفين، إذا لا شك أن تطوير الكادر البشري يدعم كل مناحي العمل، وبدون هذا التطوير وعلى نحو مستمر لن تتحقق النتائج المطلوبة.
وإن إعطاء الصلاحيات اللازمة للقيادات الوسطى على وجه الخصوص بعد تدريبها أمر بدهي لابد منه، مع التسليم بأن هناك جهات أخرى غير الوزارة معنية ببعض التفاصيل، لكن المؤمل أن تأخذ الوزارة نفسها زمام المبادرة في تطوير الكادر البشري كأولوية عمل في تطوير المنظومة الجامعية.
أما المحور الرابع وهو التعليم، فهو لب المسألة، وقصدت أن يكون آخر المحاور لأنه من الواضح إذا تم تطوير المحاور السابقة فإنه يتوقع أن التعليم سيكون تعليمًا نوعيًا بشكل عام، لكن يبقى من الضروري تحديد مجالات تطوير عديدة.
على سبيل المثال، من يجب أن يدخل الجامعة؟ وإذا لم يدخل الجامعة طالب أو طالبة فأين يذهبان باعتبارهما مواطنين يحتاجان لفرص تطوير ليتأهبا ويتأهلا بذلك للعمل والعيش بكرامة في أرضهما؟
من الواجب إعادة النظر في هيكلة كل أنواع الكليات والتخصصات والربط المزدوج بين هذه الهيكلة وسوق العمل، لكن لابد من الحذر من ربط التخصصات إنشاءً وتطويرًا أو تعديلاً لتلائم فقط سوق العمل، بل الجامعة معنية بفتح مجالات تخصصية جديدة لتخلق بدورها فرصا للعمل.
ختامًا، هذا ما يمكن قوله في هذا المقام والمقال، على أمل ليس فقط أن يطلع معالي الوزير على هذا المقال، بل أن نراه بيننا يوما في الجامعة ليتحدث إلينا ويسمع منا في أقرب فرصة ممكنة.
أ. د. علي معاضه الغامدي