أهمية تطوير مركز الدراسات الأثرية بالعلا
يعد مركز الأبحاث والدراسات الأثرية بمحافظة العلا، أحد المراكز غير الرسمية التابعة لكلية السياحة والآثار بجامعة الملك سعود، وقد قامت الجامعة مشكورة بإنشاء هذا المركز على قطعة أرض تبرع بها مؤسس علم الآثار في المملكة العربية السعودية أ. د. عبدالرحمن بن محمد الطيب الأنصاري، شفاه الله، وذلك قبل أكثر من ثلاثة عقود.
في عام 1425هـ/2004م بدأ قسم الآثار بكلية السياحة والآثار أعمال التدريب الميداني للطلاب بشكل سنوي بموقعي دادان «الخريبة»، وقُرح «المابيات» الواقعَين بمحافظة العلا، وحتى وقتنا الحاضر والمركز يعمل كمقر رئيسي لسكن أعضاء بعثة جامعة الملك سعود الأثرية، ويحتوي على مجموعة من القاعات المخصصة للمحاضرات التعليمية، وأخرى لتصنيف وتسجيل وترميم المعثورات الأثرية المكتشفة خلال المسح والتنقيب الأثري.
ولأهمية هذا المركز، فإنه يحتاج إلى تطوير مستمر في كافة المجالات، وقد أشرت في مقال سابق نشر في هذه الصحيفة الموقرة «عدد 1313، وتاريخ 20 محرم 1440هـ» بعنوان «رسالة إلى طلاب وطالبات كلية السياحة والآثار»، إلى أن «رؤية المملكة 2030» قد وضعت تخصص السياحة والآثار في عمق اهتمامها ورعايتها الخاصة، ويعد هذا التخصص من أهم مرتكزات الرؤية، ويُمثل أبرز البدائل في تنويع الدخل للمملكة واقتصاديات عصر ما بعد النفط.
ومؤخراً في شهر جمادى الآخرة من عام 1440هـ قام ولي العهد صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز، حفظه الله، بتدشين «رؤية العلا» وتحويلها لواجهة تراثية عالمية، ليتأكد لنا مدى حرص القيادة الكبير على المحافظة على إرثنا الحضاري العريق واستثماره كمورد اقتصادي هام.
ولمواكبة تطلعات قيادتنا الرشيدة، وتحقيق الريادة والتميز في تخصص السياحة والآثار؛ فإنه من الضروي العمل على جعل مركز الأبحاث والدراسات الأثرية بمحافظة العلا من أفضل مراكز الأبحاث الأثرية على مستوى العالم، وذلك بتحويله إلى مركز علمي رسمي يسعى إلى تعزيز وتشجيع البحث العلمي المتخصص، والعمل بشكل خاص على مشاريع التنقيبات الأثرية وبرامج التعليم والتدريب المهني وبناء القدرات المستدامة للمشاركة في علم الآثار.
يمكن أن يسهم ذلك، دون شك، في المحافظة على تراثنا الحضاري وترميمه وجعله جزءاً من الهوية الثقافية للمجتمع، وتقديم المنح البحثية للعلماء، والباحثين والطلاب، وتسهيل التعاون العلمي مع العديد من الشركاء في جميع أنحاء العالم، وإقامة ورش العمل الدولية والمؤتمرات السنوية، وتطوير برامج دراسية مبتكرة تضم مجموعة واسعة من المنهجيات الحديثة المواكبة للتقدم التقني، وأخذ زمام المبادرة في مجال علم الآثار الرقمي المتنامي عالمياً.
ويمكن من خلال هذا المركز استضافة المحاضرات العامة، ورعاية البرامج الأكاديمية، وإشراك المجتمع المحلي في إدارة الإرث الثقافي الوطني، والتواصل مع الجمهور بشكل عام من خلال المطبوعات والمعارض التي تجذب الاهتمامات الشعبية والدولية، وإنشاء مكتبة متخصصة في دراسات علم السياحة والآثار، بالإضافة لإنشاء مختبرات ومعامل خاصة لإجراء دراسات متخصصة، وهذا الأمر ليس بمستغرب على جامعة الملك سعود، التي كانت ولا زالت تدعم وتشجع كل توجه تطويري يخدم تراثنا الوطني، ويساهم في تعزيز التنمية الاقتصادية للوطن.
قبل أيام قليلة قام معالي مدير الجامعة الدكتور بدران العمر بزيارة ميدانية لمركز الأبحاث والدراسات الأثرية بمحافظة العلا، وتفقد كامل مرافق المركز، ووقف شخصياً على سير أعمال التدريب الميداني للطلاب، مما يدل على الاهتمام الكبير الذي توليه إدارة الجامعة بتخصص السياحة والآثار، والعمل على رفد هذا القطاع الحيوي بالمملكة، وتذليل كل العوائق التي تحول دون نموه وتطوره.
د. محمد بن شبيب السبيعي
وكيل كلية السياحة والآثار للتطوير والجودة
المشرف على التنقيبات الأثرية بموقع المابيات بمحافظة العلا للعام الجامعي 1439-1440هـ