التعلم المقلوب «المعكوس» ما له وما عليه
يحتاج الطلاب اليوم إلى تعليم عالي الجودة يجهزهم لوظائف العصر التي يزداد اعتمادها على التقنيات الرقمية، لذا تواجه الجامعات ضغوطًا متزايدة للحفاظ على قدرتها التنافسية في تقديم هذا النوع من التعليم، الذي يعتمد على التفاعل والمشاركة، والذي يستهدف زيادة درجة رضا الطلاب عن العملية التعليمية بوجه عام. كما يستهدف في نفس الوقت رفع مستواهم المعرفي بما يؤهلهم لهذه الوظائف.
وقد كان التعلم المقلوب «المعكوس» هو مطية الجامعات لتحقيق ذلك الهدف، والتعلم المقلوب «المعكوس» - flipped learning هو النهج الذي ينتقل فيه أسلوب التعلم من التعلم الجماعي إلى التعلم الفردي، ويتم فيه تحويل بيئة التعلم الجماعي إلى بيئة تعلم ديناميكية وتفاعلية، يقوم فيها المعلم بتوجيه الطلاب أثناء تطبيقهم لمفاهيم التعلم وأثناء تفاعلهم الإبداعي في الموضوعات التي يجري تعلمها.
ففي النموذج التقليدي للتعلم، يكون المعلم عادة هو المحور الرئيس للدرس، والناشر الرئيس للمعلومات في الفصل الدراسي باستخدام أسلوب المحاضرة، ويقوم الطلاب بالرجوع مباشرة إليه للحصول على الإرشادات والتعليقات وللإجابة عن التساؤلات. كما يشتمل هذا النمط التعليمي على إعطاء الطلاب مهام للقراءة من الكتاب المدرسي أو العمل على مجموعة من المشكلات خارج المدرسة كواجب منزلي.
أما التعلم المقلوب «المعكوس» فهو نهج تنعكس فيه الأدوار، فيكون المتعلم هو محوره وليس المعلم، وفيه يقوم الطلاب بشكل فردي – قبل الحضور إلى الفصل الدراسي - بالتحضير للدرس من خلال استخدام المحتوى التعليمي والذي يتضمن المحاضرات المسجلة مسبقًا، والمواد التعليمية المقروءة وأشرطة الفيديو التفاعلية، وغير ذلك، بينما يتم استخدام الوقت في الفصل لاستكشاف الموضوعات بتعمق أكبر، وفي التواصل التفاعلي مع المدرس ومع الزملاء، وإجراء التجارب المعملية المتعمقة، وبلورة المعارف المكتسبة على شكل عروض تقديمية أو حلقات النقاش.
مما سبق نكتشف أن التحضير للدرس هو أمر ضروري لنجاح هذا النهج، وهو يمثل أحد التحديات المعروفة التي تواجهه، ومن ثم فإن اللجوء إلى طرق التحفيز – التي تشجع الطلاب على أداء الأعمال التحضيرية للدروس – تعد ممارسة شائعة وأساسية في هذا النهج، ويعد استخدام التكنولوجيا الرقمية داخل وخارج الفصول الدراسية، سمة شائعة للتعلم المقلوب، فهي تزيد من الوقت المخصص للنقاش والتفاعل في قاعات الدرس.
وتشير نتائج الأبحاث إلى أن التعلم المقلوب «المعكوس» يؤثر بشكل إيجابي على مستوى أداء الطلاب وعلى درجة تفاعلهم مع العملية التعليمية، بغض النظر عن مستويات الأداء، مما يزيد من جدوى الاستثمار المالي والثقافي والفردي من جانب المؤسسات التعليمية في طرق التعلم المقلوب «المعكوس».
ويرى العديد من الخبراء أن التعليم المقلوب، في جزء منه، يُعتبر علاجاً لانفصال الطلاب أو عدم تفاعلهم مع العملية التعليمية، فهو يقدم تعليما أكثر ثراء محوره الطالب، كما أنه – بطبيعته - يتيح للطلاب بيئة أكثر جاذبية للتعلم ويزيد من درجة رضاهم عن العملية التعليمية.
أ. د. جبريل بن حسن العريشي
عميد التطوير والجودة
أستاذ علم المعلومات