النجاح عمل وإصرار لا صدفة واستهتار
لقد خلق الله بني آدم ليعمروا هذه الأرض، وكلٌ منا يسعى ليصنع التاريخ، وليصعد سلم التحديات، ليبني الحضارة الإنسانية، والأشخاص الناجحون والمتألقون والمخترعون لم يولدوا وفي أفواههم معالق من ذهب أو فضة، ولم يكن النجاح والتألق محيطاً بهم من كل جانب، بل واجهوا مشاكل وعقبات وموجات قسوة الحياة وشدتها وتجاوزوها.
وقد لقوا في سبيل الوصول إلى النجاح تحديات الفشل والخنوع والتراجع والتقهقر والضعف, حتى إن بعضهم سقط سقوطاً ذريعاً في كل أمر وضع يده فيه، وبعضهم طرد من المدارس التي درس فيها, ظناً من مديري تلك المدارس أنه غبي أو أحمق ولا سبيل له لعلم أو دراسة أو فهم أو إنجاز في شتى مجالات الحياة، ومنهم من شُتم وضُرب وسخر منه, ومنهم من أوشك على الانتحار أو حاول الانتحار حقا لما مر به في حياته وما رآه من فشل بعد فشل.
إن كل هؤلاء الذين أبدعوا في حياتهم, ما كان إبداعهم في حياتهم إلا لأنهم وثقوا في أنفسهم, ووثقوا في مقدراتهم, وعلموا أنهم قادرون على الإنجاز, وأي إنجاز، إنجاز لا مثيل له, سيسطع في الأفق، وسيسجل في التاريخ, مع أن الشامتين كانوا يتربصون بهم من كل مكان إلا أنهم لم يكترثوا بهؤلاء, مطلقين أنظارهم نحو الأفق لبناء تاريخ حضارة عالمية راقية رائعة.
لقد ثقوا في إمكانياتهم وفي أنفسهم ومقدراتها, فحاربوا كل التحديات, في سبيل الوصول إلى هدفهم، هم لم يفعلوا أشياء مختلفة بل فعلوا أشياء بطريقة مختلفة، لذلك علينا أن نسأل أنفسنا جميعا هذه الأسئلة: من أنا؟ وماذا أريد؟ وإلى أين سأصل؟ ماذا قدمت لتاريخ أمتي؟ وكم بيني وبين أن أصبح عظيمًا؟!
الإنسان الفاشل والسلبي يضع نقطة بعد فشله وانتهى الأمر، لكن الإنسان الناجح والإيجابي والمبدع, لا يضع نقطة بعد فشله, إنما فشله يزيده ثقة بنفسه, حتى يصل إلى ما يصبو إليه, من مكانة وشهرة وغير ذلك من أي أمر كان يحلم به ويريد الوصول إليه، فليس عيبًا أن نفشل, وإنما العيب أن نستمر في فشلنا.
نحن جميعًا نقع في موجات العقبات والمآزق, وعلينا أن نتذكر عظماء أمتنا الذين لم يخافوا من فشلهم, وإنما حاولوا مرارًا وتكرارًا, وصبروا وتعبوا وتحملوا في سبيل الوصول إلى أمانيهم وأشواقهم, فخلدوا ذكراهم في قلوبنا وعقولنا إلى يومنا هذا، ولم يكن ذلك إلا بالجد والعمل والإرادة والتصميم.
محمد صومي كريم الرشادي
خريج معهد اللغويات قسم تدريب المعلمين