لا تقتلوا الطموح في نفوس الطلاب
حينما يتطلع المحاضر إلى إلقاء محاضرته الأولى لطلابه في العام الدراسي الجديد، كثيرا ما يفكر بنقاط كثيرة منها، كيف يمكن أن يجعل هذه المحاضرة بمثابة الدينمو المحرك الذي يوقد ذهن الطالب ويشحذ همته ويكسر حاجز الخوف لديه من انتقاله من التعليم قبل الجامعي إلى الدراسة بالسنة الأولى للجامعة بالسنة الأولى المشتركة بل والقلق على مستقبله، كيف يبني بينه وبين طلابه جدران الثقة المتينة وليس جداراً واحداً لكي يكسبهم ويثير عقولهم وآمالهم وطموحاتهم ويحقق معهم أفضل النتائج الطيبة والممتازة خلال العام الجامعي.
إن بناء جدران الثقة بأول محاضرة في اعتقادي أهم بكثير من المادة العلمية المعطاة فيها، بل وشعور الطالب بأن مدربه أو محاضره والمادة التي يدرسها وبخاصة اذا كانت الرياضيات أو الإحصاء يمد له يد الأمل الكبير في تحقيق طموحاته ومستقبله، وأقصد هنا أنه على المحاضر أن يفهم الطالب جيداً الاختلافات بين مرحلة التعليم قبل الجامعي والمرحلة الجامعية وما عليه فيها من واجبات ومهام دون تضخيم يهزم العزيمة ودون استخفاف يسقط الهمة لدى الطالب.
وأذكر هنا موقفاً مررت به بمحاضرة لشعبة تغيرت وتم تدريسي لها بالأسبوع الثاني من الدراسة، وحينما دخلت للتدريس بالمحاضرة فوجئت بشيء غريب لدى الطلاب، حيث كانوا في حال يرثى لها من حيث الهزيمة النفسية تجاه طموحاتهم وما يريدون تحقيقه بمادة الإحصاء وإحباطهم الشديد للدراسة.
وبالاستفسار منهم كان الرد بأن المحاضر السابق أخبرهم بأن فهم المادة واستيعابها صعب جداً عليهم، والأصعب أن يحصل أحدهم على A+ وأن أعداداً قليلة جدا بل نادرة هي التي تحصل على هذا التقدير، وكان هذا من قبيل نصحه لهم ببذل قصارى الجهد للحصول على تقدير متميز، ولكنه وبدون قصد منه أتى بنتائج عكسية لدى الطلاب.
وما كان مني قبل تقديم المادة العلمية بعلم الإحصاء إلا التركيز على كيفية رفع معنويات ودافعية طلاب هذه الشعبة قبل تدريس أي شيء، فليس من الطبيعي لشخص يجري ليلحق بالقطار في موعده وقبل انطلاقه، أن يقابلة آخر ليقول له أنه لن يمكنك اللحاق بالقطار وسيسير بدونك، فما كان منه إلا أن وقف جامداً خاملاً في مكانه وضاعت عليه الفرصة للحاق به.
إن وقع الكلمات على أبنائنا الطلاب على كافة مستوياتهم التعليمية والتعلمية قد يكون أقسى من السيف والرصاص في التدمير، وعلى كل محاضر أن يراعي أن كل طالب هو مجموعة من الطموحات والدوافع والآمال المتوقدة داخلة من خلاله أو من خلال تطلعات أسرته ودولته التي تأمل منه الكثير.
يحتاج طلابنا لمن ينير لهم الطريق ويبصرهم بأنفسهم وبمستواهم في المقرر الذي يدرسونه وبواجباتهم ومهامهم التي لابد أن ينجزوها لتحقيق أهدافهم، يحتاجون لمن يزيد دافعيتهم للعمل والاجتهاد، ورفع معنوياتهم وآمالهم وأن أهدافهم سهلة المنال وممكنة التحقيق وفق ضوابط وعمل واجتهاد منهم وتنظيم لأوقاتهم.
إن طلابنا أمانة في أعناقنا لا يجب أبدًا بقصد أو بدون قصد أن نقتل الأمل أو الطموح فيهم، وخاصة في أول لقاء معهم أو أول محاضرة، علينا جعل أول محاضرة واحة تطمئن إليها نفس المتعلم، يتم فيها شحذ الهمم ومعالجة الأخطاء والترسبات القديمة والأفكار والمفاهيم التي قد تكون خاطئة عن المادة والمقرر دون تسفيه أو إحباط، والعمل على زيادة دافعيتهم للعمل والاجتهاد مع وضع ضوابط لتحقيق أهدافهم حتى يكونوا منجزين لأعمالهم محققين لأهدافهم، وحتى نربي داخل منتجنا التعليمي قوة الإرادة في تحقيق الأهداف وإنجاز الطموحات.
د. هشام عبدالغفار
أستاذ المناهج وطرق تدريس الرياضيات المساعد
منسق الجودة - قسم العلوم الأساسية
السنة الأولى المشتركة