رؤية وطن وذوو الإعاقة
احتفل العالم مؤخراً باليوم العالمي للأشخاص ذوي الإعاقة تماشياً مع معاهدة الأمم المتحدة التي تحتفل سنويًا منذ عام 1992، ويشير موضوع هذا العام إلى اعتماد أهداف التنمية المستدامة ودورها في بناء عالم أكثر شمولاً وإنصافًا للأشخاص ذوي الإعاقة.
يهدف الاحتفال بهذا اليوم لهذا العام إلى تعزيز الفهم المجتمعي لقضية وحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة، وجني المكاسب الناجمة عن إدماجهم في مجتمعاتهم في مختلف جوانب الحياة السياسية والاجتماعية والاقتصادية والثقافية.
ويوفر اليوم العالمي للأشخاص ذوي الإعاقة فرصة لدفع الجهود من أجل تحقيق الهدف المتمثل في تمتع الأشخاص ذوي الإعاقة والمشاركة المجتمعية.
رؤية المملكة «2030»، التي رسمتها حكومة خادم الحرمين الشريفين لم تنسَ ذوي الإعاقة بل جعلت لهم نصيباً كبيراً ومعتبراً من تلك الرؤية، يتمثل في دمجهم والاستفادة من قدراتهم ومهاراتهم، وتوفير كل ما يمكنهم من تحقيق ذواتهم وطموحاتهم وخدمة مجتمعهم ووطنهم، حيث يعد الأشخاص ذوو الإعاقة، من أهم مواردنا وأكثرها قيمة.
لقد ركزت رؤية «2030» على تحقيق مطالبهم وأنهم جزء لا ينفصل من المجتمع وإتاحة الفرص للجميع من خلال تبني ثقافة الجزاء مقابل العمل, وإكسابهم المهارات اللازمة التي تمكنهم من السعي نحو تحقيق أهدافهم والاستفادة من فرص العمل والتنمية.
إن التنمية الشاملة والمستدامة لن تتحقق إلا بتعزيز الاقتصاد وقدرته على توليد فرص عمل متنوعة ومتوفرة لكافة شرائح المجتمع, وعندما تتحقق تلك الغاية لابد أن يسبقها ويرافقها توعية المجتمع المحلي وتهيئة كافة الإمكانات لذوي الإعاقة لتمكينهم من الوصول الشامل بكافة الأماكن العامة والخاصة, ويتعين على الحكومات والداعمين للأشخاص ذوي الإعاقة والمنظمات الممثلة لهم والمؤسسات الأكاديمية والقطاع الخاص أن يعملوا كفريق واحد بهدف تحقيق رؤية الوطن.
تشير بعض الدراسات والأبحاث العلمية إلى وجود تحديات كبيرة تواجهها البرامج والخدمات المقدمة لذوي الإعاقة في الدول العربية ولنقس على ذلك التحدي المحلي في بلادنا, كالمشاكل البيئية والمباني الحكومية والمباني التجارية والأماكن العامة.
فيما يتوجب على مجلس الشورى بعد التصويت تقييم أنظمة الرقابة الداخلية بشكل دوري على الإعانات المالية والعينية والخدمات البيئية والصحية والتعليمية والمجتمعية التي تقدم لذوي الإعاقة، بالإضافة إلى تقييم مخاطر العنف والإهمال، والتأكد من وجود التدابير المناسبة لحمايتهم وقياس مدى تفعيل ودمج ذوي الإعاقة بالمجتمع وتدريبهم.
وللأجهزة العليا للرقابة مثل النيابة العامة في المملكة دور مهم في تدقيق ومراجعة البرامج والتشريعات التي تتعلق بحقوق ذوي الإعاقة في شتى المجالات، حيث من الممكن للأعمال الرقابية أن تكشف عن جوانب ضعف مهمة في أداء مثل هذه البرامج ومحاسبة المقصرين.
ولكي لا يحدث إشكالية في الشأن الإداري بين الجهات الرسمية يتوجب الترابط والتواصل الإداري فيما بين وزارة العمل والتنمية الاجتماعية ووزارة التعليم ووزارة المالية ووزارة الخدمة المدنية, كل ذلك من أجل الخروج بمعطيات تتعلق بذوي الإعاقة والحاجة إلى وجود برامج توظيف تتناسب مع سوق العمل ووجود برامج تدريبية تراعي احتياجاتهم ومعالجة كافة السلبيات كحالات العنف بمراكز التأهيل وتوفير رقابة داخلية والمشاكل التعليمية والصحية.
إن تلبية احتياجات ذوي الإعاقة ليس بالأمر السهل بل يحتاج لترابط الجهات المعنية والأخذ بنماذج التقدم التي توصلت إليها الدول الأخرى, ولمواجهة ظروف الحياة على الجهات المعنية أن تخفف العبء عنهم وأن تعفي ذوي الإعاقة من رسوم المواصلات بالطرق العامة ومن الضرائب التي بدأ تطبيقها فعلياً بداية عام 2018 وتهيئة المدن الاستثمارية والصناعية والرياضية المستحدثة الجديدة تماشياً مع رؤية الوطن.
حسن محمد المرير
باحث ماجستير – كلية التربية