الشمس والرمال بعض كنوز المملكة
لا ريب أن الطاقة الكهربائية هي عصب الحياة العصرية، فبدونها لا يُتَصور العيش بمكان، والمصدر التقليدي للحصول على الطاقة الكهربائية هو الوقود الحفري مثل النفط والفحم، ويتم ذلك بحرق أي منهما وتحويل الطاقة الحرارية الناتجة إلى طاقة كهربائية، وكما هو معروف فإن عملية الحرق تنبعث معها بعض الغازات المُلوثة للبيئة، مثل أول وثاني أكسيد الكربون، ويوصف الأول بأنه مصدر خطر على صحة الإنسان والحيوان على الأرض.
وتعد الطاقة النووية من المصادر الأخرى التى يمكن تحويلها إلى طاقة كهربائية، ولهذه الطريقة سلبياتها التي قد لا تتسع مساحة هذا المقال للحديث عنها، وبالإضافة إلى الآثار الضارة بالبيئة للمصادر التقليدية للطاقة فإنها في سبيلها للنضوب، لذا فقد اتجهت أنظار العالم المتقدم - منذ زمن- للبحث عن مصادر بديلة متجددة وآمنة للطاقة، والطاقة الشمسية هي إحدى هذه المصادر.
لن ترفض الشمس أن تشرق على الأرض إلى أن يشاء الله، ويستقبل كوكب الأرض ما قيمته 174 مليون جيجاوات من الإشعاع الشمسى ينعكس30% منها للفضاء الخارجي بفعل طبقات الغلاف الجوي، وينفذ الباقي ليتم امتصاصه في السحب والمحيطات واليابسة من الأرض.
إن كمية الطاقة الشمسية التى تصل الأرض كبيرة جداً لدرجة أن كميتها في عام واحد تصل تقريباً لضعف الطاقة التي يمكن إنتاجها من جميع المصادر غير المتجددة كالفحم والنفط والغاز الطبيعي مع اليورانيوم، وذلك بحسب أحد مراكز الأبحاث بجامعة ستانفورد.
لهذه الأسباب كان ولا يزال تحويل الطاقة الشمسية إلى طاقة كهربائية هدفًا استراتيجيًا للعديد من الدول «على سبيل المثال: ألمانيا وإسبانيا» للحصول على طاقة نظيفة وهادئة ومن مصدر غير قابل للنفاد.
وتوصف الخلية الشمسية بأنها الوسيلة المباشرة للحصول على الكهرباء من الشمس، ويمكن صناعة الخلية الشمسية بطرق عديدة ومن خامات مختلفة، والسيليكون أحد أكثر الخامات انتشارًا على الأرض، وهو من أهم العناصر المستخدمة لتصنيع الخلايا الشمسية للتطبيقات الأرضية.
وكما حبا الله هذه البلاد بمصادر الوقود الحفري متمثلاً في النفط، فقد حباها أيضًا بمقومات استخدام الشمس كمصدر عظيم للطاقة المتجددة، فإن أرض المملكة العربية السعودية تعتبر من المناطق الغنية بالإشعاع الشمسي المناسب لإنتاج الطاقة الكهربائية، علاوة على ذلك؛ فإن عنصر السليكون - اللازم لصناعة الخلايا الشمسية - يتم استخراجه من الرمال التي لا يوجد أكثر منها في بلادنا مما يجعل هذه البلاد مؤهلة وبشدة لتصبح من الدول الرائدة في مجال إنتاج الطاقة الكهربائية من الطاقة الشمسية.
وكأحد مظاهر حرص جامعة الملك سعود على امتلاك المعرفة في هذا المجال، تشارك الجامعة في مسابقة عالمية للأبنية المعتمدة على الطاقة «Solar Decathlon Middle East» التي تعقد للمرة الأولى بدبي عام 2018م، حيث يتم تنظيمها عبر شراكة بين هيئة كهرباء ومياه دبي مع وزارة الطاقة الأمريكية، لتصميم منزل عصري مستدام يعتمد كليًا على الطاقة الشمسية، بوصفه مصدراً وحيداً للطاقة اللازمة لتشغيل المنزل بشكل مريح، وكذلك توفير الطاقة اللازمة للانتقالات بسيارة كهربائية.
وسيتم بمشيئة الله في مجموعة مقالات متتالية، الحديث عن الجوانب التنموية والاقتصادية لاستغلال الطاقة الشمسية بهدف المساهمة - ولو باليسير - في نشر الوعي بهذا المجال المهم.
د. محمد عباس
أستاذ مشارك بقسم الهندسة الكهربائية
عضو بمشروع المنزل الشمسي المستدام