Add new comment

الإدارة التشاركية في مؤسسات التعليم الجامعي

 

 

الإدارة مجموعة من العمليات الحية التي تستهدف تعظيم عائد استخدام الموارد وتقليل المخاطر المحتملة، إلا أن الإدارة في مؤسساتنا الحكومية ومنها مؤسسات التعليم الجامعي ارتبطت أهدافها بالرؤى والسياسات المركزية للدولة، وذلك في ضوء ما ترصده من موازنات وموارد لتحقيق هذه الأهداف.

ويتأرجح الرأي حول مشاركة المستفيدين في إدارة منظومة الخدمات المقدمة؛ فيعتقد بعض الخبراء أن مشاركة المواطنين أو المستفيدين أمر غير مجدٍ ويحد من سلاسة وانسيابية العملية الإدارية بالمؤسسة ويعيق عمليات صنع واتخاذ القرار، ويرى فريق آخر أن مشاركة المستفيدين يعد متطلباً أساسياً في عمليات الإدارة لضمان تحسين الأداء وجودة الخدمات ومن ثم تحقيق التنمية المستدامة.

البنك الدولي عرّف الإدارة التشاركية أو النهج التشاركي بأنها مقاربة يُؤخَذ فيها برأي كلّ شخص معنيّ بالتدخّل، سواء شخصياً أو بالتمثيل، وتشترط دعوة كل موظّفي المنظّمة التي ستُدير التدخّل، وأعضاء من الفئة المُستهدَفة، والمسؤولين في المجتمع المحلّي، والمواطنين المهتمين.

ويعد التخطيط التشاركي أحد المرتكزات الرئيسية في عملية الإدارة، حيث عرف بأنه جهد من الأطراف المنخرطة في إعداد وتصميم خطة زمنية مشتركة من أجل تحقيق الأهداف المستقبلية، هذه الخطة ليست بالمفتوحة تماماً؛ فلكل طرف جداول أعماله واختصاصاته ومسؤولياته، فالتحدي هو الاتفاق على الأنشطة والأهداف التي تتسق مع كل شريك.

وقد ظهرت أساليب وأدوات تسهل عملية الاتفاق على الخطط المشتركة منها:

أولاً: قدرة ورغبة المؤسسة في إدارة مصالح واختلافات الأطراف المعنية والمستفيدة، وكذلك المتضررة من الخدمات المقدمة، حيث تعد هذه العملية مهمة في التخطيط التشاركي.

ثانياً: الاتجاه إلى توطيد علاقات أفقية بين المؤسسات الجامعية والمجتمع المحلي، إذ يتعلم الشركاء كل من الآخر، فالتخطيط التشاركي يعمل في اتجاهين بين المجتمع المحلي والمؤسسة الجامعية.

ثالثاً: تعمل الإدارة التشاركية على فرز وتعبئة الموارد المحلية والخارجية المطلوبة لإحداث تنمية مستدامة.       

رابعاً: تزود المقاربات التشاركية المخططين وصانعي القرار بالمعلومات الضرورية لتوفير بيئات مؤسسية ممكنة وأكثر كفاءة.

خامساً: يعزز التخطيط التشاركي الالتزام السياسي والمساندة المؤسسية للتخطيط المحلي ببناء فهم مشترك بين المؤسسات الجامعية والمجتمعات المحلية.

سادساً: يستخدم التخطيط التشاركي مفهوم «الحوار التفاوضي» بين الأطراف المنخرطة، وهي المؤسسة الجامعية والمجتمع المحلي.

ويعمل التخطيط التشاركي على تحقيق نتائج عدة منها على المدى القصير أنه يولّد عملية تعلم في اتجاهين ويعمل على تعظيم نواتج المدخلات والعمليات والمخرجات وفقًا للاحتياجات والفرص والقيود المحلية، وعلى المدى الطويل يعمل على تقوية وترسيخ الروابط وبناء جسور التواصل مع المجتمعات المحلية المستفيدة.

كما أنه يعمل على التعرف على المهارات والسياسات والإجراءات ونظم وقنوات الاتصال المحلية وأيضاً الهياكل والأبنية التنظيمية الموجودة، فمن المهم فهم دوافع وإدراكات جماعات القوة والضغط الموجودة في صنع القرار المحلي أو المستبعدة منه.

وينبغي أن تأتي هذه المعرفة من مجتمع متلقى الخدمات وعلى أساسها يتم اختيار الأدوات والحوافز التي ستستخدم في تلبية احتياجات المجتمع المحلي وبخاصة متطلبات المجموعات المستهدفة من الخدمات التعليمية الجامعية، حيث يتطلب منا الإجابة على الأسئلة التالية خلال عملية التخطيط التشاركي: «إلى أي جهة تتوجه غايات واستراتيجيات المؤسسة نحو التخطيط التشاركي.. نحو العملية أم نحو المستهدف؟ وما هي الآليات التي يمكن تطبيقها واستخدامها في عملية التخطيط التشاركي؟ وما هي القدرة المؤسسية؟».

من المؤكد أن الإدارة التشاركية جيدة التخطيط والتصميم تنتج أفكارًا أفضل وعلاقات أنفع ومؤسسات أقوى واتفاقات بين المختلفين وشرعية ومساندة لوضع حلول للمشكلات الاجتماعية، أما إن كانت المشاركة شكلية أكثر منها فعلية فيمكن أن تؤدي إلى إحباط التوقعات وانعدام الثقة، لذا يعتبر تطبيق الإدارة التشاركية بالمؤسسات الجامعية ضرورة لضمان الجودة في الخدمات المقدمة، وتوليد أفضل للأفكار، وتحديد الاحتياجات بدقة عالية، وترشيد الموارد، وترسيخ مفاهيم امتلاك الخدمات وبالتالي الحفاظ عليها، والاستثمار السيكولوجي في صحة المجتمع.

د. أبوالنصر مصطفى أحمد

عمادة التطوير والجودة

دكتوراه في الإدارة الاستراتيجية وتحسين الأداء الحكومي

0
No votes yet
CAPTCHA
This question is for testing whether or not you are a human visitor and to prevent automated spam submissions.
Image CAPTCHA