3 عوامل للحفاظ على قوة ذاكرتك
كثيرة هي نعم الله علينا ظاهرة وباطنة لا ندرك قيمة الكثير منها إلا بعد فقدها، وبعضها لم نستغلها الاستغلال الأمثل الذي يعود علينا بالنفع والفائدة، ومن تلك النعم العظيمة علينا «الذاكرة» التي تعمل من خلال ذلك العضو الذي لا يزيد وزنه عن ثلاثة كيلو جرام والموُدَع داخل جماجمنا «المخ».
نعم إن «الذاكرة» هبة ربانية رائعة، لديها إمكانات جبارة، وإذا تم تسخيرها والاستفادة منها فإنها – حتماً – تقدم لك فتوحات عظيمة في حياتك، وتحقق أهدافك الشخصية في عملك وفي دراستك، ولكن من المفارقات العجيبة – كما يقول العلماء – أن هذه النعمة لا يُستغل منها إلا النزر اليسير الذي لا يتعدى 10% من قدراتها الهائلة والكامنة!
إذن كنز ثمين عظيم موجود داخل مخك، لم تحصل منه إلا على 10% فقط، أليست الـ 90% المتبقية جديرة بالاهتمام والاستغلال؟!
ألا يُعد اختزالك لمخك – عزيزي القارئ – وعمله في حدود تلك النسبة الضيقة هدراً لطاقات هائلة كان بإمكانك الكشف عنها واستغلالها في حدود دراستك الجامعية، التي تكون معها في أمس الحاجة إلى ذاكرة قوية لتخزين ما تتلقاه من معارف وعلوم وفنون في مجال تخصصك الجامعي.
بل نحن أحوج ما نكون لطاقة تخزينية كافية في ذاكراتنا للأسماء والأرقام التي تتوارد علينا في حياتنا العامة؛ تجنبنا لمواقف الحرج مع الأصدقاء والغرباء، في مواطن خيانة ذاكرتك في تذكر أسمائهم ووجوههم!
الحفاظ على لياقة مخك، أمرٌ ليس صعباً، ولا يحتاج إلى جهد كبير، أو مشقة زائدة، كل ما في الأمر أنك بحاجة إلى ثلاثة أمور أقترحها عليك، أولها جرعة معلوماتية كافية عن طريقة عمل مخك في المعالجة والتخزين لكل ما يصل إليه من العالم الخارجي عبر المنافذ المطلة عليه «حواسك»، وهذه الجرعة تحصل عليها باقتناء كتاب يبين لك ذلك، وما أكثرها ومنها – مثلاً – مهارات تنشيط الذاكرة، لمادلين – آلين، ترجمة: د. بشير العيسوي.
الثاني ينبغي أن تضع نصب عينيك أهم المبادئ الأساسية لتنمية ذاكرتك في كل موقف تحتاج فيه أن تخزن معلوماتك بصورة تضمن معها البقاء، والاستدعاء وقت الطلب، ومن أهم المبادئ الأساسية لتنمية ذاكرتك، والحفاظ على لياقة مخك الاهتمام؛ فمن السهل أن تتذكر الأشياء والمعلومات التي تمثل اهتماماً خاصاً بك، فما تريد حفظه وتذكره، اجعله في دائرة اهتمامك.
كذلك الانتباه، إذ عليك أن توجه انتباهاً خاصاً لما تريد أن تتذكره، ربما قد مر عليك موقف تعرفت فيه على شخص لأول مرة، وبعد فترة قصيرة تراه، وقد سبقته خيانة ذاكرتك في استحضار اسمه! ألا تعلم أنه من أسباب نسيان أسماء الأشخاص، عدم التركيز والانتباه أثناء سماعك للاسم أول مرة؛ جرب في موقف تعارف جديد أن تثير انتباه حواسك على التركيز على اسم الشخص، ولاحظ الفرق بين هذا الموقف والموقف السابق!
أيضاً الارتباط؛ كلما كان لديك مهارة في ربط المعلومة بخبرة حسية سابقة عالقة في دائرة اهتمامك، كلما كانت تلك المعلومة راسخة في ذهنك ثابتة في ذاكرتك، جرّب من اليوم في قاعة المحاضرة، بأن تربط المعلومة بشيء محسوس لديك، وأن تضفي على هذه المعلومة صورة حية في ذاكرتك، أو مقطوعة صوتية محببة إلى أذنيك، أو أي شيء ضمن رغباتك واهتماماتك المحسوسة وصدقني أن حفظها سيكون ميسوراً جداً، فضلاً عن المتعة في هذا الأسلوب، وهناك مبادئ أخرى أساسية لضمان لياقة مستمرة لمخك، عليك أن تقرأ عنها وتستحضرها في مقامات التخزين والاستدعاء في ذاكرتك.
الثالث عليك أن تدرك تمام الإدراك أنه لا يوجد شيء اسمه «ذاكرة ضعيفة» في واقع الأمر، وإنما المشكلة الحقيقية تكمن في إجابتك عن السؤال التالي: هل لديك ذاكرة مدربة أم ذاكرة غير مدربة؟
وامتلاكك لذاكرة مدربة يكون من خلال ممارستك - بين الحين والآخر - لبعض التمارين الجميلة الممتعة لذاكرتك، وهذه التمارين تجعل مخك في لياقة مستمرة، وتجنبه الشيخوخة المبكرة، كل ما عليك فعله أن تقوم بتلك التمارين في فضول أوقاتك للمتعة، وستكتسب منها فائدة عظيمة.
وسأدلك – عزيزي – على كتاب جميل في هذا الباب بعنوان «حصّن عقلك ضد الشيخوخة» لتوني بوزان، فهو كتاب جدير بالقراءة، غني بالفائدة في تقوية الذكرة بأسلوب ممتع من خلال التدريبات الشيقة المتدرجة في تدريب الذاكرة، اقرأه وطبق تدريباته، وستجد فرقاً كبيراً، تشكر ابن الهتار عليه.
ومضة: الوقت المنظم جيداً، هو البرهان الأكيد على العقل المنظم جيداً.
فهد عبدالقادر الهتار
خريج جامعة الملك سعود دكتوراه – كلية التربية