ساعة من يومك قد تغير حياة أولادك
من نعم الله على الإنسان أن رزقه بنعم كثيرة لا تعد ولا تحصى، وتختلف هذه النعم حسب اختلاف الأشخاص والزمان، ومن هذه النعم الكبرى التي منّ الله بها على الإنسان نعمة الأولاد، فلا يعرف قيمة الأولاد إلا من حرم منهم أو ظل منتظراً لهم وصبر صبراً جميلاً.
من طبائع البشر أنهم يحبون الأولاد محبة لا تقدر بثمن، ويضحون من أجلهم تضحية عظيمة، فالأولاد قرة عين للوالدين، وسبب في تكوين الحياة الزوجية السعيدة، والراحة النفسية والجسدية، فهم يخففون من مشاق الوالد، ويساعدون الوالدة في أمور كثيرة، ويكونون عوناً كبيراً بعد الله سبحانه.
وما دام أن هذه النعمة كبيرة وبالغة في أهميتها إلى هذه الدرجة، فإنها تحتاج إلى المزيد من الاعتناء والجهد والتربية الصالحة مع الصحبة الصالحة، فهم مثل الغرسة أو النبتة التي تكون صغيرة، تُتعب المزارع في البداية، لكنها تمنحه فيما بعد سعادة وراحة لمدة سنوات بل لأجيال بعده أيضاً، لكن لو أهملها ولم يعتن بها فلا يضمن أنها تأتي بنتائج مثمرة، بل ربما لا تبقى هذه الشجرة لمدة طويلة، وتأكلها الدابة أو تتعرض للشمس أو قلة الماء وغير ذلك.
إن تربية الأولاد موضوع حساس ودقيق، يحتاج إلى الإحاطة بجوانب كثيرة ومجالات مختلفة، وسأحاول أن أذكر باختصار أبرز جوانب المجال التعليمي وبالخصوص في المراحل الابتدائية للمدرسة.
إن من المعاناة التي نواجهها في المجال التعليمي ضعف المستوى العلمي للأبناء، سواء في فهم الشيء أو الكتابة أو الاستيعاب أو الحرص على الدراسة والشوق إليها والرغبة في المجال العلمي والثقافي، وترجع هذه الأمور إلى أسباب كثيرة منها ضعف البنية العلمية، وعدم اعتناء الوالدين بدراسة الأبناء، وعدم معرفة نتائج اختباراتهم ونشاطاتهم وحياتهم المدرسية وغير ذلك.
أخي القارئ، صحيح أن التربية تحتاج إلى جهد وصبر ومثابرة، لكن هناك أمور تبسط هذا الأمر، وليس معنى «تربية الأبناء» أن نكون معهم طوال الليل والنهار، أو نمنعهم من اللعب والرياضة والتجول والنوم واللهو البرئ، لا، فلا يلزم أن تكون حياة الأبناء جدية مثل حياة الكبار، وإنما تأتي هذه الأمور بالتدرج شيئاً فشيئاً، فلو خصصنا من أوقاتنا الثمينة ساعة واحدة فقط في اليوم وجلسنا مع أبنائنا وبناتنا لننظر ونركز على الجانب التحصيلي والمعرفي لما عانينا من هذه المشاكل التي تدل على ضعف البنية التعليمية لدى الأولاد.
هذه الجلسة لا تحتاج منا أن نجلس معهم طوال الحياة، لا، بل في السنوات الابتدائية من بدء الدراسة للأولاد، وهو العصر الذهبي والأهم في حياتهم الدراسية، فنجلس معهم ونرى ماذا درسوا اليوم، وما هي واجباتهم المدرسية، وهل لديهم سؤال أو ملاحظة أو شكوى، ومراجعة درس اليوم مع تحضير درس الغد وغير ذلك.
هذه الأمور تشجع الطالب وتزيد فيه الشوق والهمة، وتمنحه منهجاً خاصاً يلتزمه في مجال الدراسة، ويسهل عليه إنجاز المهمات الأدائية والدراسية بكل سهولة ويسر، وتزيد ثبات العلم والمعرفة لديه، وتحول المعرفة إلى سلوكيات، فالعلم في الصغر كالنقش على الحجر، ويصبح الأولاد يهتمون لدراستهم بأنفسهم دون أن يشير إليهم أحد أو يصر عليهم، ولن نعاني من المشاكل حول الدراسة ما نعانيه اليوم من ضعف الطالب في الدراسة وعدم الرغبة والكسل في حل الواجبات وتسويفها.
زبدة الكلام، الاهتمام بدراسة الأولاد والبنات أمر مهم جداً لولي الأمر، ولا تنحصر دراستهم في المدارس والفصول فقط، لذا لا بد أن نبذل كل جهدنا في إنشاء الفرد والمجتمع، وما نزرعه اليوم نحصده غداً، والله ولي التوفيق.
حسان أبوالمكرم