جولة في كتاب «مجالس شهر رمضان لابن عثيمين»
شهر رمضان موسم من مواسم الإيمان، يتكرر كل عام، ينهل منه الصالحون، ويتوب فيه المذنبون، وتقيد فيه الشياطين، ويكثر فيه الواعظون.
في هذا الشهر تصفو النفوس وتهفو الأفئدة إلى بارئها، وترق القلوب وتذرف الدموع، وفي هذا الشهر تستعد أجهزة الاستقبال عند المؤمن لتلاوة القرآن الكريم والقيام والصيام وسماع الذكر والمواعظ.
في هذا الشهر يلتزم أئمة المساجد بالقراءة من كتاب وعظي كل يوم يعلّمون الناس أحكام دينهم وفرائض شهرهم يذكرونهم بالآخرة ويزهدونهم في الدنيا، وفي كثير من الأحيان لا يقع في أيدي الأئمة كتاب إلا وفيه الغث والسمين، فيه المواعظ الكريمة مع الأحاديث الموضوعة، والحكايات المختلقة، والأساطير والمقامات والغلو في الزهد والعبادة بشكل يخالف توجيهات الشرع.
من أجل هذا قام فضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله بتصنيف كتاب «مجالس شهر رمضان» ورتبه على ثلاثين مجلسًا، كل مجلس يصلح موعظة كاملة ليوم واحد؛ حيث يشمل ما يقرب من سبع صفحات.
تناول المؤلف أحكام رمضان وما يتعلق به في أسلوب خطابي مؤثر، وتناول الموضوعات التالية: فضل الشهر وصيامه وقيامه، وأحوال الناس فيه، وأحكام الصيام الواجبة والمستحبة، ومفطراته، وفضل تلاوة القرآن الكريم وآدابها وأنواعها، وفضل الزكاة وأهلها وزكاة الفطر وماذا بعد رمضان.
كما تعرض للغزوات النبوية في رمضان وأسباب النصر الحقيقة، ثم ذكر وصف الجنة وأهلها جعلنا الله منهم، ووصف النار وأهلها أعاذنا الله منها، وكذلك التوبة.
من الأحكام التي ذكرها أن الصائم لا يفطر بالكحل والدواء في عينه ولو وجد طعمه في حلقه، ولا يفطر بتقطير دواء في أذنه أيضًا، ولا بوضع دواء في جرح ولو وجد طعم الدواء في حلقة.
ومن آداب الصيام الواجبة أن يقوم الصائم بما أوجب الله عليه من العبادات القولية والفعلية؛ ومن أهمها الصلاة المفروضة التي هي ثاني أركان الإسلام بعد الشهادتين، فتجب مراعاتها بالمحافظة عليها والقيام بأركانها وواجباتها وشروطها فيؤديها في وقتها مع الجماعة في المساجد، فإن ذلك من التقوى التي من أجلها شرع الصيام وفرض على الأمة، وإضاعة الصلاة منافٍ للتقوى وموجب للعقوبة.
ولا شك أن المكتبة الإسلامية لا تزال تفتقر كثيراً إلى كتب الوعظ والإرشاد المخدومة خدمة علمية كافية والتي تعالج أبواباً شتى، حتى يتمكن الواعظ من اختيار ما يتناسب مع حال الناس منها، رحم الله الشيخ وجزاه خيرًا على كتابه القيم.
وقد سبق أن طبع هذا الكتاب القيم مرات كثيرة ما بين طبعات تجارية وخيرية، والطبعة التي بين أيدينا تمتاز بأن المؤلف رحمه الله، قد علق عليها بعض التعليقات المختصرة، وزاد في تخريج أحاديثها وزيادة بعض الإضافات وحذف ما رأى أنه مستغنى عنه في الطبعات السابقة وهو يسير لا يخل بمقصود الكتاب.
وللمؤلف رحمه الله مطوية مختصرة ومفيدة ومركزة عنوانها «نبذ في الصيام وزكاة الفطر»، وهي مطبوعة ومترجمة للغة الإنجليزية، ويستطيع الإنسان قراءتها في دقائق معدودة، وهي على صغر حجمها حوت كثيراً من الأحكام التي تمس الحاجة إليها.
إعداد: عبدالله بن محمد الوهيبي
صحفي ومدون - كلية الآداب