تحجيج طلاب المنح فضل عظيم نعجز عن شكره
من شواهد عناية المملكة العربية السعودية بمسلمي العالم أنها تتيح لعدد كبير منهم فرصة الدراسة والتعلم على نظام «المنحة» في معظم جامعاتها، وتوفر لطلاب المنح بعد الوصول إليها مسكناً ودخلاً مستقلاً يغنيهم عن التفكير في مأكلهم ومشربهم.
كما توفر الجامعات السعودية لطلاب المنح برامج عديدة مستقلة، ولا ريب أن أعظم نعمة في المملكة هي فرصة أداء الحج والعمرة اللذين يمكن للطالب أداؤهما على نفقته الخاصة، لكن الجامعات السعودية وبتوجيه الجهات العليا في القيادة الرشيدة تأبى إلا أن تكمل معروفها وتمنح الطالب الوافد فرصة أداء الحج والعمرة على نفقة الجامعة أو بالتعاون مع جمعيات خيرية، من خلال إدارة المنح ورعاية الطلاب الوافدين، والتي تحرص على تقديم أفضل الخدمات لطلابها.
في نهاية العام الدراسي الماضي لما تلقينا نبأ تحجيج الطلاب الجدد الذين لم يسبق لهم الحج وجدنا في قلوبنا من الغبطة والسرور ما لم نلمسه من قبل، ورفعنا أكف الدعاء للقائمين على هذا البرنامج، إذ لم تكن هي نعمة صغيرة يحصلها الجميع، بل فرصة العمر التي يشتاق لها قلب كل مسلم وربما يبذل في سبيلها كل ما كسبه في حياته.
ولكن هذه الفرصة منحت لنا بيسر وسهولة، فشكرنا الله جل وعلا، وودعنا بيوتنا قبل نهاية الإجازة بشهر بعاطفة تدور بين الحزن والسرور، ووصلنا الجامعة، وأخذنا التطعيم، ثم التصريح، حتى جاء اليوم السادس من ذي الحجة المباركة، وكانت أربع حافلات على بوابة السكن، حملت على متنها أكثر من 150 حاجاً/ طالبًا، وراحت إلى الديار المقدسة لأداء فريضة مقدسة، وكانت الألسن –في الطريق- لا تزال تحمد الله وتشكره قائلة: «الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله والله أكبر الله أكبر ولله الحمد».
نصل إلى الأرض المباركة، ونقيم في مخيم مزدلفة، وكانت الحملة حملة الراجحي التي كفلت تحجيج 180طالبًا من جامعة الملك سعود، فلبثنا في مخيمها بكل يسر وسهولة، ولم نجد في هذه الأيام السبعة شيئًا من التكاسل أو عدم الاهتمام، بل واصلوا الليل بالنهار في خدمتنا، ووجدنا خير مثال للأخوة الإسلامية وخدمة ضيوف الرحمن.
وهناك أمثال ومواقف كثيرة واجهناها في المشاعر المقدسة من رجال الأمن تعجز الألسن عن شكرها، ولا نتردد أن نقول: إن ما تقدمه المملكة لضيوف الرحمن ليس لدولة أخرى أن تقدم عشرها، فهذه الدولة لا تقوم بأداء واجبها نحو الحجاج فحسب، بل تخدمهم كضيوفها المخصوصين، وتوفر لهم كافة التسهيلات التي تساعدهم في أداء هذه الفريضة، ولقد سمعنا عن خدماتها من قبل كثيرا، لكن «ليس من سمع كمن رأى».
وفي أمسيات الأيام الفضيلة وبعد الفراغ من أداء المناسك لم يتركونا وحيدين أو في فراغ بل كان يرافقنا ويلازمنا أحد أعضاء هيئة التدريس الأفاضل وهو الشيخ الدكتور عبدالله بن دجين السهلي حفظه الله، وكانت مجالسنا معمورة بدروسه ودورس المشايخ الآخرين، ولم يواجه طالب صعوبة في مسائل الحج إلا رجع إليهم وحصل على جواب كافٍ وشافٍ، فجزاهم الله أحسن ما يجزي عباده الصالحين.
ياسر أسعد بن أسعد أعظمي
السنة الأولى المشتركة